للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وموارد الأحكام على قسمين:

مقاصد: وهي المتضمنة للمصالح والمفاسد في أنفسها.

ووسائل: وهي الطرق المفضية إليها، وحكمها حكم ما أفضت إليه من تحريم وتحليل غير أنها أخفض رتبة من المقاصد في حكمها. والوسيلة إلى أفضل المقاصد أفضل الوسائل، وإلى ما يتوسط متوسطة. ومما يدل على حسن الوسائل الحسنة قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} [التوبة: ١٢٠] فأثابهم الله على الظمأ والنصب، وإن لم يكونا من فعلهم بسبب أنهما حصلا لهم بسبب التوسل إلى الجهاد الذي هو وسيلة لإعزاز الدين وصون المسلمين، فيكون الاستعداد وسيلة الوسيلة ".

يتضح من هذا البيان الدقيق أن وسيلة المحرم محرمة، ووسيلة الواجب واجبة، لكن هذا مبني على قاعدة مقررة عند جمهور العلماء في مباحث الحكم الشرعي: وهي " ما لا يتم الواجب به فهو الواجب " فالفاحشة حرام، والنظر إلى عورة الأجنبية حرام، لأنها تؤدي إلى الفاحشة، والجمعة فرض فالسعي إليها فرض وترك البيع لأجل السعي فرض أيضًا، والحج فرض، والسعي إلى البيت الحرام وسائر مناسك الحج فرض لأجله؛ لأن الشارع إذا كلف العباد أمرًا، فكل ما يتعين وسيلة له مطلوب بطلبه، وإذا نهى الناس عن أمر، فكل ما يؤدي إلى الوقوع فيه حرام أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>