للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخلاصة: ليس للوسيلة حكم ما تفضي إليه بإطلاق، بل إن هناك اعتبارات أخرى تؤثر في تحديد حكمها (١) ، ومن أهم هذه الاعتبارات ظرف الضرورة، كالجهاد مع أن فيه تعريض النفس للهلاك، أو ظرف الحاجة مثل كشف العورة والنظر إليها فذلك مطلوب نظرًا للمال.

وأما حكم الذرائع بالمعنى الخاص فيتردد بين الجواز عند وجود المصلحة، والمنع أو التحريم عند وجود المفسدة أو كون النتيجة (المتوسل إليه) حرامًا.

تكون الذريعة جائزة إذا كان أداؤها للفعل المحرم نادرًا، سواء أكانت الوسيلة مباحة أو مندوبة أو واجبة؛ لأن في منعها حرجًا وتعطيلًا لمصالح كثيرة، مثال الوسيلة المباحة: التصرفات العادية مع كونها قابلة للإفضاء إلى المحرم، ومثال الوسيلة المندوبة: التصدق على المساكين بالمال، فهو مندوب، لكن يحتمل إنفاق المال في وجوه الحرام. ومثال الوسيلة الواجبة: دفع الزكاة لمسلم، فأنفقها في حرام.

وتكون الذريعة ممنوعة إذا كان أداؤها للفعل المحرم قطعًا أو كثيرًا غالبًا أو غير غالب، سواء أكانت الوسيلة مباحة أو مندوبة أو واجبة. مثال الوسيلة المباحة: اتخاذ البيع أو الشراء أو القرض ذريعة لأكل الربا.

ومثال الوسيلة المندوبة: الاشتغال بالنافلة على وجه يظن الجاهل معها فرضيتها. ومثال الوسيلة الواجبة: الصدق إذا أدى إلى كشف أسرار المسلمين لأعدائهم، أو التفريق بينهم بإيقاع العداوة، تمنع الوسيلة في هذه الحالات للتحقق من الوقوع في المفسدة، وتعتبر الغلبة أو الكثرة في حكم القطع؛ لأن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة احتياطًا، وعملًا بالقاعدة: (ما اجتمع الحلال والحرام إلا غلب الحرام الحلال) .


(١) الذرائع للأستاذ هشام البرهاني: ص٢٠٢

<<  <  ج: ص:  >  >>