للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الترجيح:

إن الموضوع المختلف فيه، وهو المباح الذي يتذرع به إلى المفسدة، أرى أنه ينبغي فيه سد الباب أمام المحتالين والمفسدين الذين يحاولون التحلل من قيود الشريعة وأحكامها، فإن الشريعة جاءت لتحصيل المصالح ودرء المفاسد، وهي إنما تنظر في الحقيقة إلى غايات الأشياء ومآلاتها، فإن كانت هذه الغايات مفاسد وأضرار منعت من أسبابها وسدت الوسائل والطرق التي يتذرع بها إليها ولو كانت هذه الوسائل في نفسها جائزة.

وبهذا يكون مذهب المالكية والحنابلة، ويقاربهم الحنفية في هذه المسألة أسد وأحكم، والعمل به أوجب وألزم.

وفيما عدا البيوع الربوية يتفق العلماء على الأخذ بأصل الذارئع، وإن لم يسمه بعضهم بهذا الاسم، ولكن على اختلاف في المقدار وتباين في طريقة الوصول إلى الحكم، فأكثرهم أخذ بها الإمامان: مالك وأحمد، ويليهم الإمام أبو حنيفة، وأقلهم أخذًا بها الإمام الشافعي رضي الله عنهم، وهو يتفق مع ما نقل عن الشافعي من تحريم الحيل. ولكن أبا حنيفة والشافعي لم يعتبراه أصلًا قائمًا بذاته، بل كان داخلًا في الأصول المقررة عندهما كالقياس، والاستحسان الخفي الذي لا يبتعد عما يقرره الشافعي إلا في العرف القائم بين الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>