للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلاصة البحث

الأخذ بمبدأ الذرائع فتحا وسدًا أصل من أصول التشريع الكبرى، وسياسة منهجية حكيمة في التخطيط لتحقيق مقاصد الشريعة العامة، وتربية الأمة والجماعة والأفراد، وإرساء معالم السيرة نحو تحقيق الغايات الكبرى للأمة الإسلامية، فلا يعقل أن يقرر التشريع حكمًا لغاية معينة، ثم يبيح الوسائل أو الذرائع المانعة من إنفاذ الحكم، ولا يقبل بحال تحقيق المصالح ودرء المفاسد بغير الأخذ بسياسة الذرائع فتحًا وسدًا، القائمة على طلب الخير ومنع الشر.

وفتح الذرائع: معناه الأخذ بالذرائع إذا كانت النتيجة مصلحة؛ لأن المصلحة مطلوبة شرعًا، وسد الذرائع بالمعنى الخاص معناه منع الوسائل الجائزة المؤدية إلى ممنوع، وكلاهما مطلوب، وتكون وسيلة الواجب واجبة ووسيلة المحرم محرمة، وهذا متفق مع القاعدة الشرعية: (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) فالفاحشة حرام والنظر إلى عورة الأجنبية حرام، لأنها تؤدي إلى الفاحشة والجمعة فرض فالسعي لها فرض، وترك البيع لأجل السعي فرض أيضًا، والحج فرض، والسعي إلى البيت الحرام وسائل مناسك الحج فرض لأجله، لأن الشارع إذا كلف العباد أمرًا، فكل ما يتعين وسيلة له مطلوب بطلبه، وإذا نهي الناس عن أمر، فكل ما يؤدي إلى الوقوع فيه حرام أيضًا.

وقد ثبت هذا باستقراء التكاليف الشرعية طلبًا ومنعًا، فقد وجدنا الشارع ينهي عن الشيء، وينهي عن كل ما يوصل إليه، ويأمر بالشيء، ويأمر بكل ما يوصل إليه، فقد أمر بالمحبة بين الناس، ونهى عن التباغض والفرقة، ونهى عن كل ما يؤدي إليها، فنهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه، وأن يستام على سوم أخيه، أو يبتاع على بيعه، وما ذاك إلا لأنه ذريعة إلى التباغض المنهي عنه ونحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>