للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولًا: تعريف الذرائع: وبيان معنى سدها:

الذرائع لغة: جمع ذريعة، وهي الوسيلة قال في اللسان (والذريعة: الوسيلة، وقد تذرع فلان بذريعة أي توسل، والجمع الذرائع، والذريعة مثل الدريئة: جمل يختل به الصيد، يمشي الصياد على جنبه فيستتر به ويرمي الصيد إذا أمكنه) .

قال: (وقال ابن الأعرابي: سمي هذا البعير الدريئة والذريعة ثم جعلت الذريعة لكل شيء أدنى من شيء وقرب منه وأنشد:

" وللمنية أسباب تقربها كما تقرب للوحشية الذرع (١) "

وتعريفها شرعًا: لا يختلف كثيرًا عن مفهومها اللغوي، فعرفها الأصوليون بأنها الوسيلة والطريق إلى الشيء، سواء كان مشروعًا أو غير مشروع، فإذا كان المتوسل إليه مشروعًا شرع فتحها وإذا كان ممنوعًا شرع سدها.

قال القرافي: (واعلم أن الذريعة كما يجب سدها يجب فتحها ويكره ويندب ويباح، فإن الذريعة هي الوسيلة، فكما أن الوسيلة المحرم محرمة فوسيلة الواجب واجبة كالسعي إلى الجمعة والحج) (٢) .

وعرفها ابن تيمية فقال: (والذريعة ما كان وسيلة وطريقًا إلى الشيء لكن صادر في عرف الفقهاء عبارة عما أفضت إلى فعل محرم، ولو تجردت عن ذلك الإفضاء لم تكن فيها مفسدة) .

قال: (وللشريعة أسرار في سد الفساد وحسم مادة الشر لعلم الشارع بما جبلت عليه النفوس، وبما يخفي على الناس من خفي هواها الذي لا يزال يسري فيها حتى يقودها إلى الهلكة) (٣) .

وعرفها ابن القيم فقال: (الذريعة ما كان وسيلة وطريقًا إلى الشيء) .

وفصل ذلك بقوله: (لما كانت المقاصد لا يتوسل إليها بأسباب وطرق تفضي إليها، كانت طرقها وأسبابها تابعة لها معتبرة بها.

فوسائل المحرمات والمعاصي في كراهتها والمنع منها بحسب إفضائها إلى غايتها، وارتباطها بها. ووسائل الطاعات والقربات في محبتها والإذن فيها بحسب إفضائها إلى غايتها، فوسيلة المقصود تابعة للمقصود وكلاهما مقصود، لكنه مقصود قصد الغايات، وهي مقصودة قصد الوسائل.


(١) لسان العرب مادة ذرع.
(٢) تنقيح الفصول. ص٤٤٨ ـ ٤٤٩
(٣) الفتاوى الكبرى ٣/١٩٣ ـ ١٤٠

<<  <  ج: ص:  >  >>