للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنا نعلم أنما حرمت الأشياء لكونها في نفسها فسادًا بحيث تكون ضررًا لا منفعة فيه، أو لكونها مفضية إلى فساد، بحيث تكون هي في نفسها منفعة وهي مفضية إلى ضرر أكثر منه فتحرم.

فإن كان ذلك الفساد فعل محظور سميت ذريعة وإلا سميت سببًا. (١))

وعليه فإن الفرق بين الذريعة والسبب يعتبر دقيقًا جدًا.

فظاهر كلام ابن تيمية أنه إذا كان الإفضاء إلى المفسدة ليس فعلًا كإفضاء شرب الخمر إلى السكر، وإفضاء الزنى إلى اختلاط المياه أو كان الشيء نفسه فسادًا كالقتل فهذا يعتبر من باب السبب.

وإن كان الإفضاء فعلًا كبيع السلاح في زمن الحرب، وسب آلهة المشركين إذا علم أن ذلك يفضي إلى سب الله عز وجل، فإن ذلك يعتبر من الذرائع.

أما فيما يخص الفرق بين الذريعة والوسيلة المستلزمة للمتوسل إليه.

فقد ذكرنا في تعريف الذريعة أنها الوسيلة إلى الشيء خيرًا كان أو شرًا، فإذا كان المتوسل إليه مشروعًا شرع فتحها وإن كان ممنوعًا وجب سدها، وذكرنا أنها صارت في عرف الفقهاء عبارة عن التي تفضي إلى محرم، ولذلك أضيف إليها سدها، لكنها وإن غلب إضافة سدها ـ فقد ظلت أيضا مفتوحة لكل ما تفضي إليه من مصلحة.

وهذا المعنى تشترك فيه الذريعة والوسيلة في معنى واحد فكل ما كان ذريعة لشيء يعتبر وسيلة له في هذا المجال.


(١) الفتاوى الكبرى: ٣/ ١٣٩

<<  <  ج: ص:  >  >>