للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: الفرق بين الذريعة والسبب، وبين الذريعة والوسيلة المستلزمة للمتوسل إليه.

تقدم تفسير الذريعة لغة وشرعًا، وأما السبب فهو لغة الحبل وكل شيء يتوصل به إلى غيره (١) .

ثم استعير لكل ما يتوصل به إلى الشيء، قال تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (٣٦) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} [غافر: ٣٦ـ ٣٧] .

قال النسفي: (أي طرقها وأبوابها وما يؤدي إليها، وكل ما أدى إلى شيء فهو سبب له) (٢) .

وقال تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} [البقرة: ١٦٦] .

قال القرطبي: (الأسباب: الوصلات التي كانوا يتواصلون بها في الدنيا من رحم وغيره، عن مجاهد وغيره، الواحد: سبب ووصلة، وأصل السبب الحبل يشد بالشيء فيجذبه، ثم جعل كل ما جر شيئًا سبباً) (٣) .

وهكذا نرى أن الذريعة والسبب يشتركان في بعض المعاني ويختلفان في بعضها.

وقد فرق ابن تيمية بينهما في كتابة " الفتاوى الكبرى " فقال:

(الذريعة الفعل الذي ظاهره أنه مباح وهو وسيلة إلى فعل محرم، أما إذا أفضت إلى فساد ليس هو فعلا كإفضاء شرب الخمر إلى السكر وإفضاء الزنى إلى اختلاط المياه أو كان الشيء نفسه فسادًا كالقتل والظلم فهذا ليس من هذا الباب) .


(١) الصحاح مادة سبب.
(٢) تفسير النسفي ٤/ ٧٩
(٣) الجامع لأحكام القرآن: ٢ /٢٠٦

<<  <  ج: ص:  >  >>