للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشاطبي في كلامه على الحيل ذكر أن المذموم من الحيل والمنهي عنه منها هو: ما هدم أصلًا شرعيًا وناقض مصلحة شرعية.

فإن فرضنا أن الحيلة لا تهدم أصلًا شرعيًا ولا تناقض مصلحة شهد الشرع باعتبارها، فغير داخله في النهي ولا هي باطلة.

ومرجع الأمر فيها إلى أنواع ثلاثة:

أحدهما: لا خلاف في بطلانه كحيل المنافقين والمرائين (١) . قال:

وأما القسم الثالث: فهو محل الإشكال والغموض وفيه اضطربت أنظار النظار، ومثل له بنكاح المحلل وبيوع الآجال (٢) . الآتي ذكرها إن شاء الله.

وتقسيم الشاطبي للحيل على هذه الأنواع الثلاثة شبيه بتقسيم القرافي للذرائع.

وهذا مما يؤكد التشابه والترابط بين الحيل والذرائع، غير أن هناك شرطًا تختص به الحيل دون الذرائع ألا وهو القصد، فالحيل كما أسلفنا يشترط فيها القصد، ولا كذلك الذرائع.

وعليه فإن الذرائع أعم من الحيل لأنها تقع بقصد وبغير قصد، وسيتضح ذلك عندما نتعرض لأنواع الذرائع إن شاء الله.

وباستطاعتنا أن نعطي أمثله لما تتفق فيه الحيل والذرائع وما تختلف فيه.

فمثال ما كان ذريعة وحيلة في نفس الوقت: بيوع الآجال كبيع سلعة بدين وشرائها بأقل نقدًا أو لدون الآجل.


(١) حيل المنافقين ذكرها القرآن في قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ} الآيات. [البقرة ٨ـ٢٠]
(٢) والأصل في ذلك قوله تعالى: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: ١٠٦]

<<  <  ج: ص:  >  >>