للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول القرافي: (كبيوع الآجال اعتبرنا نحن الذريعة فيها وخالفنا غيرنا) لعله يعني الشافعي لأنه هو الذي أجاز بيوع الآجال. أما أبو حنيفة وأحمد فمنعاها، وسنتعرض لذلك بالتفصيل ـ إن شاء الله ـ عندما نتناول النقطة الخامسة من هذا البحث وهي: (موقف أئمة الفقه من الاحتجاج والأخذ بسد الذرائع) .

وقول العلامة سيدي عبد الله الشنقيطي: (كالأسارى تفدي بما ينفع للنصارى) يشير به إلى قول القرافي: (قد تكون وسيلة المحرم غير محرمة إذا أفضت إلى مصلحة راحجة كالتوسل إلى فداء الأسرى بدفع المال للعدو. الذي هو محرم عليهم الانتفاع به لكونهم مخاطبين بفروع الشريعة عندنا) (١) .

وذلك لأن الرشوة محرمة على الراشي والمرتشي لحديث عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ قال: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي) أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح (٢)

قال الخطابي: (الراشي: المعطي، والمرتشي: الأخذ، وإنما تلحقهما العقوبة معًا إذا استويا في القصد والإرادة، فرشا المعطي لينال به باطلًا، ويتوصل به إلى ظلم، فأما إذا رشا ليتوصل به إلى حق، أو يدفع به عن نفسه ظلمًا، فإنه غير داخل في هذا الوعيد، وقد روي أن ابن مسعود أخذ في سبي وهو بأرض الحبشة، فأعطى دينارين حتى خلي سبيله)

قال: (وكذلك الأخذ إنما يستحق الوعيد إذا كان ما يأخذه على حق يلزمه، فلا يفعل ذلك حتى يرشي، أو عمل باطل يجب عليه تركه فلا يتركه حتى يصانع ويرشي) (٣) .


(١) تنقيح الفصول ٢٤٩
(٢) المسند ٢/ ١٦٤، وسنن أبي داود ٤/٩ ـ ١٠ ط دار الحديث ـ حمص ـ سوريا، وسنن ابن ماجة ٢/٧٧٥ وسنن الترمذي ٣/٦٢٣ ط دار الكتب العلمية ـ بيروت.
(٣) معالم السنن مع مختصر سنن أبي داود ٥/٢٠٧

<<  <  ج: ص:  >  >>