للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما أن القسم الثاني من أقسام الذرائع لا خلاف بين الأئمة في إلغائه كزراعة العنب فلا تمنع خشية عصره خمرًا وكفداء أسرى المسلمين فلا يمنع؛ لأن المصلحة في هذا القسم راجحة على المفسدة.

أما القسم الثالث: فهو محل نزاع بين الأئمة وهو ما كان أداؤه إلى المفسدة كثيرًا ولا غالبًا ولا ندرًا كبيوع الآجال، فإنها ممنوعة عند مالك وأحمد وأبي حنيفة فمالك وأحمد منعاها سدًا للذريعة مع ورود أثر في النهي عنها، أما أبو حنيفة فمنعه لها ليس من باب سد الذريعة وإنما منعها لورود أثر في منعها، ومن باب ما لا يتم الواجب إلا به فواجب.

وهذه نصوص من فقه المذاهب الأربعة حول بيوع الآجال التي يسميها المالكية بيوع الآجال ويسميها الحنابلة والشافعية بيوع العينة.

ففي المذهب المالكي قال الدردير في كلامه على بيوع الآجال: هو بيع ظاهره الجواز لكنه قد يؤدي إلى ممنوع فيمتنع، ولو لم يقصد فيه التوصل إلى الممنوع سدًا للذريعة التي هي من قواعد المذهب) .

قال: (يمنع من البيوع ما أدى لممنوع يكثر قصده كبيعه سلعة بعشرة لأجل، ثم يشتريها بخمسة نقدًا، أو لأجل أقل، فقد آل الأمر إلى رجوع السلعة لربها وقد دفع قليلًا وعاد إليه كثيراً) (١) .

وفي المذهب الحنبلي قال في المغني: (من باع سلعة بثمن مؤجل ثم اشتراها بأقل منه نقدًا لم يجز في قول أكثر أهل العلم) .

واستدل بأثر أبي إسحاق السبيعي عن امرأته العالية.

وهو الأثر المشار إليه آنفًا وبعد ما أتى ابن قدامة بهذا الأثر قال: (ولأن ذلك ذريعة إلى الربا، فإنه يدخل السلعة ليستبيح بيه ألف بخمسمائة إلى أجل معلوم، وكذلك روي عن ابن عباس في مثل هذه المسألة أنه قال: (أرى مائة بخمسين بينهما حريرة) يعني خرقة حرير جعلاها في بيعهما، والذرائع معتبرة لما قدمناه) (٢)


(١) الشرح الصغير ٣/١١٦ ـ ١١٧
(٢) المغني ٤/١٩٣ ـ ١٩٤

<<  <  ج: ص:  >  >>