للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورد ابن القيم على الدارقطني فقال: إن راوية الحديث يعني العالية هي امرأة أبي إسحاق السبيعي، وهي من التابعيات وقد دخلت على عائشة، وروى عنها أبو إسحاق وهو أعلم بها.

وفي الحديث قصة وسياق على أنه محفوظ، وأن العالية لم تختلق هذه القصة ولم تضعها، بل يغلب على الظن غلبة قوية صدقها بها وحفظها لها، ولهذا، رواها عنها، زوجها ميمون ولم ينهها عنها، ولاسيما عند من يقول: رواية العدل عن غيره تعديل له.

والكذب لم يكن فاشيًا في التابعين فشوه فيمن بعدهم، وكثير منهم كان يروي عن أمه وامرأته ما يخبرهن به أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحتج به) (١) .

قلت: بهذا الحديث احتج أبو حنيفة على منع بيوع الآجال كما استدل به المالكية والحنابلة إلا أنهما استدلا أيضًا بسد الذرائع لأنه من الأدلة المعمول بها في مذهبيهما. أما الشافعية فلا تمنع عندهم بيوع الآجال، وكما أسلفنا فإنهم يسمونها بالعينة.

قال الرافعي: (وليس من المناهي بيع العينة، وهو أن يبيع شيئًا من غيره بثمن مؤجل ويسلمه إلى المشتري ثم يشتريه قبل قبضه للثمن بأقل من ذلك نقدًا، وكذلك يجوز أن يبيع بثمن نقدًا ويشتري بأكثر منه إلى أجل، سواء قبض الثمن الأول أو لم يقبضه) (٢) .

مما اختلف فيه الأئمة أيضًا في الذرائع نكاح المحلل، فمالك وأحمد منعاه ولو كان التحليل لم يشترط عند العقد وإنما أضمره المحلل في نفسه.

وأما أبو حنيفة والشافعي فلا يحرم عندهما نكاح التحليل إذا لم يكن وقع العقد عليه.

وهذه نصوص الأئمة الأربعة حول نكاح المحلل وهو أن يتزوج رجل مبتوتة ليحلها لمن طلقها ثلاثًا.

ففي المذهب المالكي قال خليل: (كمحلل وإن مع نية إمساكها مع الإعجاب ونية المطلق ونيتها لغو) (٣) .


(١) تهذيب ابن القيم مع مختصر سنن أبي داود ٥/ ١٠٥
(٢) فتح العزيز شرح الوجيز مع المجموع ٨/٢٣١ ـ ٢٣٢
(٣) مختصر خليل: ص١١٨

<<  <  ج: ص:  >  >>