للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي أقول به: إن القول باعتبار سد الذرائع في الفروع الفقهية أرجح في نظري بكثير من القول بعدم اعتبارها.

لأنه ما من فعل إلا وله وسيلة تفضي إليه غالبًا، فإن كان ذلك الفعل مشروعًا كانت الوسيلة مشروعة، وإن كان ممنوعًا كانت تلك الوسيلة ممنوعة.

ولا شك أن النفس أمارة بالسوء كما وصفها الله عز وجل بذلك.

فإذا أطلق لها العنان تصرفت على هواها مستخدمة كل وسيلة تحقق لها أغراضها الفاسدة.

يشهد لذلك ما ذكرنا آنفًا عن ابن تيمية في قوله: (وللشريعة أسرار في سد الفساد وحسم مادة الشر، لعلم الشارع بما جبلت عليه النفوس، وبما يخفي على الناس من خفي هواها الذي لا يزال يسري إليها حتى يقودها إلى الهلكة) (١) .

ونلاحظ أن ابن القيم رحمه الله اقتصر على جانب النهي في الذرائع في قوله: إن سد الذرائع المفضية إلى الحرام أحد أرباع الدين، وهذا هو الجانب الذي يكثر اقتحامه من أهل الأهواء والمقاصد الفاسدة، وهو الموافق للسد الذي أضيف إليها.

وإذا نظرنا إلى جانب الأمر في الذرائع نجد أنها كما يجب سدها في النهي يجب فتحها في الأمر إذا كانت تفضي إلى واجب كما أسلفنا، فإذا اعتبرنا هذا الجانب ـ جانب الأمر في الذرائع ـ نجد أن وسيلة الأمر ربع آخر، فتكون الذرائع بجانبيها أحد نصفي الدين. والله أعلم.


(١) الفتاوى الكبرى ١٤٥

<<  <  ج: ص:  >  >>