للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الأول

تعريف الذرائع ومعنى سدها والفرق بين الذريعة والسبب

١- معنى الذرائع:

الذرائع جمع ذريعة والذريعة في اللغة الوسيلة والطريق إلى الشيء، والعرب تطلقها على الحيوان الذي تألفه الناقة الشاردة ليكون وسيلة لضبطها، وعلى الجمل الذي يستتر به الصياد فيكون وسيلته لاصطياد فريسته) (١) .

وفي الاصطلاح تطلق الذريعة ـ عند أغلب الفقهاء ـ على الوسيلة المباحة في ذاتها لكنها تؤدي إلى ممنوع وفي هذا يعرفها الباجي بأنها: (المسألة التي ظاهرها الإباحة ويتوصل بها إلى فعل محظور) (٢) .

ويعرفها الشاطبي بأنها: (التوسل بما هو مصلحة إلى مفسدة) (٣) .

والسلف من الفقهاء على هذا الإطلاق فالإمام مالك يقول في الموطأ: (من راطل ذهبًا أو ورقًا بورق فكان بين الذهبين فضل مثقال فأعطى صاحبه قيمته من الورق أو من غيرها فلا يأخذها فإن ذلك قبيح وذريعة إلى الربا) (٤) .

والباجي في المنتقى يقول ـ وهو يعلل لفتوى الإمام مالك ـ بأن من رأى هلال رمضان وحده يجب عليه الصوم خلافًا لمن رأى هلال شوال وحده فإنه ينبغي ألا يفطر يقول معللًا ذلك: (ووجه ما احتج به مالك رحمه الله أن ذلك ذريعة لأهل الفسق والبدع إلى الفطر قبل الناس ويدعون رؤية الهلال إذا ظهر عليهم) (٥) .

هذا وبعض الفقهاء يستخدم مصطلح (الذريعة) بمعنى الوسيلة مطلقًا سواء كانت وسيلة للمصلحة أم للمفسدة وعلى هذا الاتجاه القرافي الذي يقول: (اعلم أن الذريعة كما يجب سدها يجب فتحها، وتكره وتندب وتباح فإن الذريعة هي الوسيلة فكما أن وسيلة المحرم محرمة فإن وسيلة الواجب واجبة إلخ) كما أنه يقابلها بالمقصد وهو ما ينطوي على مصلحة أو مفسدة في ذاته (٦) .

ولهذا فإنه حينما أتى للذريعة الممنوعة استخدام مصطلح (سد الذرائع) (٧) .


(١) لسان العرب لابن منظور والزرقاني على مختصر خليل ٥: ٩٨ طبعة محمد أفندي مصطفى.
(٢) الإشارات لأبي الوليد الباجي: ١١٣/ طبعة السعادة المقدمات الممهدات لابن رشد ص ٥٢٤ طبعة المثنى ببغداد
(٣) الموافقات ٤/ ١٣٠ طبعة صبيح
(٤) الموطأ شرح السيوطي ٢: ٦١ ـ ٦٢ طبعة المكتبة التجارية
(٥) المنتقى للباجي ٢: ٣٩ مطبعة السعادة
(٦) الفروق للقرافي ٢: ٣٢
(٧) الفروق للقرافي ٢: ٣٢

<<  <  ج: ص:  >  >>