للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- معنى سد الذرائع:

يراد بسد الذرائع وهو المصطلح الذي يدور الحديث حوله: الحيلولة دون الوصول إلى المفسدة إذا كانت النتيجة فسادًا لأن الفساد ممنوع) .

وفي إطار ذلك فإن كل شيء مباح يمنع إذا أدى إلى محظور حسمًا لمادة الفساد ودفعًا لها (١) .

وفي هذا يقول ابن القيم: (لما كانت المقاصد لا يتوصل إليها إلا بالأسباب والطرق التي تفضي إليها كانت طرقها وأسبابها تابعة لها فوسائل المحرمات والمعاصي في كراهيتها والمنع منها بحسب إفضائها إلى غاياتها فوسيلة المقصود تابعة للمقصود وهي مقصودة قصد الوسائل فإذا حرم الرب تعالى شيئًا وله طرق ووسائل تفضي إليه فإنه يحرمها ويمنع منها تحقيقًا لتحريمه وتثبيتًا له ومنعًا أن يقرب حماه، ولو أباح الوسائل والذرائع المفضية إليه لكان ذلك نقصًا للتحريم وإغراء للنفوس به وحكمته تعالى وعلمه وتأبى ذلك كل الإباء بل سياسة ملوك الدنيا تأبى ذلك فإن أحدهم إذا منع جنده أو رعيته أو أهل بيته من شيء ثم أباح لهم الطرق والأسباب والذرائع الموصلة إليه لعد متناقضًا ويحصل من جنده ورعيته ضد مقصوده، وكذلك الأطباء إذا أرادوا حسم الدار منعوا صاحبه من الطرق والذرائع الموصلة إليه، وإلا فسد عليهم ما يرون إصلاحه فما الظن بهذه الشريعة الكاملة التي هي أعلى درجات الحكمة والمصلحة والكمال (٢) .


(١) الفروق للقرافي ٢: ٣٢
(٢) إعلام الموقعين لابن القيم ٣: ١١٩

<<  <  ج: ص:  >  >>