للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفوق هذه الأدلة التي تشهد لسد الذرائع من القرآن والسنة وعمل الصحابة وفتاواهم فإن هناك اجتهادات كثيرة للتابعين عملوا فيها بسد الذرائع وبخاصة فقهاء المدينة ككراهيتهم لصيام ستة أيام من شوال بعد رمضان مباشرة وذلك خوفًا من أن يلحق عوام الناس ذلك برمضان ويعتقدون فريضته (١) .

وإجازتهم للسلف في الحيوان إذا كان معلوم الصفة ليرد المستلف مثله واستثنائهم الجواري سدًا لذريعة استمتاع المقترض بهن ووصوله إلى ما لا يحل له (٢) .

ونهيهم عن البيع والسلف خشية الربا (٣) . والإقالة بغير رأس المال سدًا لذريعة بيع الطعام قبل قبضه (٤) .

والأدلة على كل حال في الباب كثيرة وتصحبها أيضًا في ذلك الأدلة التي يوردها العلماء للعمل بمبدأ المصالح المرسلة لأن سد الذرائع ما هو إلا وجه من وجوه الاجتهاد المصلحي ـ كما سلف ذكره ـ لأنه موازنة بين الضر والمصلحة، لدفع الضرر عند غلبته واستفحاله وتقديم المصلحة عند تأكد رجحانها.

ويلحق بكل ما سبق في الاستدلال لسد الذرائع مبدأ أن التعاون على الإثم والعدوان لا يجوز مطلقًا وهو مبدأ مقرر بقوله تعالى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (٥) [المائدة: ٢]


(١) الموطأ بشرح السيوطي ١: ٢٢٨
(٢) الموطأ بشرح السيوطي ٢: ٨٥
(٣) الموطأ بشرح السيوطي ٢: ٨٠
(٤) الموطأ بشرح السيوطي ٢: ٦٥
(٥) الموافقات ٢: ٢٦٥

<<  <  ج: ص:  >  >>