للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث السادس

عن أثر الاختلاف في سد الذرائع في اختلاف الفقهاء

في الفروع الفقهية

كان للاختلاف في تحقيق المناط أو في الموازنة بين المصلحة والمفسدة في بعض صور الذرائع بالصورة التي سلف إجمالها عند الحديث عن موقف المذاهب الفقهية من سد الذرائع أثر في الاختلاف في الفروع الفقهية المأثورة عن تلك المذاهب.

وسوف أعرض نماذج لتلك المسائل مبينًا موقف المذاهب الفقهية المختلفة منها.

١- بيع السلاح لمن يستعمله في حرام:

يرى فقهاء الحنابلة حرمة بيع السلاح لمن يستعمله في معصية كقتال المسلمين ونحوه إذا كان البائع قد وقف على غرض المشتري ولو كان ذلك بطريق القرائن، والبيع عندهم في هذه الحال يكون باطلًا من أصله.

جاء في كشاف القناع للبهوتي عطفًا على كلام سبق في شأن البيوع التي لا تصح: (ولا بيع سلاح ونحوه في فتنة أو لأهل حرب أو لقطاع طريق إذا علم البائع ذلك من مشتريه ولو بقرائن) (١) . والمالكية يرون رأي الحنابلة في حرمة البيع، جاء في كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر خليل للحطاب ـ عطفًا على كلام سبق ـ: (كما يحرم بيعه السلاح لمن يعلم أنه يريد قطع الطريق على المسلمين وإثارة الفتنة بينهم) (٢) .

ورغم اتفاق الحنابلة والمالكية في حرمة البيع إلا أن الحنابلة ـ كما أشرنا ـ يرون بطلانه أما المالكية فيقولون بانعقاده مع إجبار المشتري على إخراج المبيع من ملكه ببيع أو نحوه.

يقول خليل في مختصره: (وأجبر على إخراجه بعتق أو هبة) (٣) .

أما الحنفية فيقولون بصحة البيع ونفاذه إلا إذا أفصح البائع عن الغرض غير المشروع صراحة في صلب العقد أو عرف أن المشتري من أهل الفتنة.


(١) كشاف القناع للبهوتي ٣: ١٨١، ١٨٢ طبعة عالم الكتب، وانظر المغني لابن قدامة ٤: ٢٤٥
(٢) مواهب الجليل للحطاب ٤: ٢٥٤
(٣) مواهب الجليل للحطاب ٤: ٢٥٤

<<  <  ج: ص:  >  >>