للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشاطبي يؤكد هذا المعنى وإن لم يتناوله بنفس التسمية التي سماه بها القرافي، وإنما يتناوله من خلال الحديث عن تداخل المفاسد والمصالح في عمل من الأعمال، فيقرر أن فعل المعصية قد يجوز وذلك في حال ما إذا رجحت المصلحة المترتبة على الفعل في المفسدة التي تنطوي عليها المعصية، ويمثل له بنفس الأمثلة التي أوردها القرافي (١) .

وفي كل الأحوال فإن أمثلة فتح الذرائع التي أوردها القرافي تتمثل في الآتي:

١- جواز دفع المال للمحاربين الكفار توصلًا إلى فداء الأسرى المسلمين، وفتح الذريعة هنا أن دفع المال للمحاربين في الأصل حرام لا يجوز، لما فيه من تقوية الكفار والإضرار بجماعة المسلمين، لكنه أجيز دفعًا لضرر أكبر هو تخليص أسرى المسلمين من الأسر وتقوية المسلمين بهم (٢) .

٢- جواز دفع المال للدولة المحاربة لدفع خطرها وأذاها إذا لم يكن جماعة من المسلمين على مستوى القوة التي يستطيعون بها حماية بلادهم (٣) .

٣- جواز دفع المال لرجل حتى لا يزني بامرأة إذا عجز عن دفعه إلا بذلك (٤) .

ولعل هذه الصورة شبيهة بما يمارسه بعض الخارجين على القانون باحتجازهم الفتيات والصبيان والتهديد بقتلهم أو الفجور بهم إذا لم يعطوا فدية يقررونها، فإن إعطاءهم الفدية جائز إذا لم يكن للسلطان سبيل إلى التمكن منهم وتخليص المحتجزين بأمن وسلام من غير أن يمسهم سوء أو أذى.


(١) الموافقات ٢: ٢٥٨
(٢) الفروق ٢: ٣٣، والموافقات ٢: ٢٥٨
(٣) الفروق ٢: ٣٣
(٤) الفروق ٢: ٣٣

<<  <  ج: ص:  >  >>