للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا هو المراد بفتح الذرائع، والذي أراه أن فتح الذرائع يدخل في باب الموازنة بين المصلحة والمفسدة ورجحان المصلحة، وهو ما اتجه إليه الشاطبي أو يدخل في باب الضرورة إذ الضرورات تبيح المحظورات، ولو أجلنا النظر في كل المسائل التي أوردها العلماء في هذا الباب لوجدنا فيها ضرورات أجازت ارتكاب المحظور، فدفع المال للدولة المحاربة لتخليص الأسرى المسلمين أبيح للضرورة مع أن الأصل عدم جوازه، ودفع المال للرجل الذي يصمم على الزنى بامرأة مغالبة ولا سبيل على دفعه إلا بإعطائه المال أيضًا من باب الضرورة وهكذا الشأن في كل المسائل التي وردت في هذا الباب بل وأصرح من هذا فإن الشاطبي وهو يستدل على هذا المعنى يقول: (إن جلب المنفعة أو دفع المفسدة مطلوب للشارع مقصود، ولذلك أبيحت الميتة وغيرها من المحرمات الأكل، وأبيح الدرهم بالدرهم إلى أجل للحاجة الماسة للمقرض والتوسعة على العباد، والرطب باليابس في العرية للحاجة الماسة في طريق المواساة إلى أشياء كثيرة دلت الأدلة على قصد الشارع إليها (١) .

ومن شأن إدخال هذه المسائل في قاعدة الضرورات التقليل من تجويزها إلا على سبيل الاستثناء في الحالات التي تستوجب ذلك وفي أضيق الحدود؛ لأن الضرورة تقدر بقدرها (٢) .


(١) الموافقات ٢: ٢٥٧
(٢) قاعدة فقهية معروفة

<<  <  ج: ص:  >  >>