للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقرافي نفسه نجد عنده إشارة إلى هذا المعنى فهو عند حديثه عن فتح الذرائع وإيراد أمثلتها يقول: (وكدفع المال للمحارب حتى لا يقع القتل بينه وبين صاحب المال عند مالك رحمه الله ولكنه اشترط فيه أن يكون يسيراً (١) .

أما تسميتها بفتح الذرائع وهو مسلك القرافي، فهو ـ في نظري ـ لا يعدو أن يكون إيغالًا في استخدام المصطلحات الفنية وهو إيغال قد يتحمله المعنى لأن فتح الذرائع موجود في كل المسائل التي سلف إيرادها إلا أن محذوره يبدو في إقرار فتح الذرائع كمبدأ عام وهذا قد يترتب عليه أمران:

أولها: احتمال أدائه للاختلاف في الأمر الذي تفتح فيه الذريعة والأمر الذي لا تفتح فيه لا من حيث المبدأ وإنما من حيث الجزئيات والتفاصيل التي تتعاقب بتعاقب الزمان والمكان، فيؤول الأمر فيه إلى الخلاف الذي حدث فيه سد الذرائع نفسه.

ثانيهما: إن إسباغ وصف فتح الذريعة على هذه المسائل كمبدأ عام قد يشير إلى إبعاده صفة الاستثناء عنها وهي مسائل استثنائية بلا خلاف؛ لأن الأصل في المعصية عدم جواز ارتكابها إلا في حالات الضرورة بحسب القانون العام في الشرع.

لهذا فإن الأوفق إدخال هذه المسائل في قاعدة الضرورة لتضبط بضوابطها وتوزن بموازينها. والله أعلم بالصواب.

تم بحمد الله وتوفيقه.

الأستاذ الدكتور خليفة بابكر الحسن


(١) الفروق ٢: ٣٣

<<  <  ج: ص:  >  >>