للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: دليل الاحتياط:

الدليل الثاني للقائلين بسد الذرائع وهو ما يمكن تسميته بدليل الاحتياط حيث استند القائلون فيه إلى الأدلة التي تذكر في باب وجوب الاحتياط أو حسنه من قبيل قوله صلى الله عليه وسلم: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) (١) . وقوله صلى الله عليه وسلم: ((الحلال بين والحرام بين وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات كان كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله في أرضه محارمه)) (٢) .

-المناقشة:

وأهم ما يقال فيه أنه استناد إلى دليل الأصل العملي في حيث أنه يراد هنا الاستدلال به على أصل من أصول الفقه وهو ما يسمى بالأصل الاجتهادي.

ومن المعلوم أن الأصول العملية إنما يرجع إليها لرفع الحيرة والشك عند فقدان الدليل الاجتهادي، والمفروض أن الأدلة الاجتهادية هنا قائمة على إباحة الذريعة باعتبارها هي، ولا معنى لتقديم مقتضى أصل عملي على دليل اجتهادي لأن الأصل الاجتهادي مقدم عليه رتبة ورافع لموضوعه.

على أن الاستناد لما ذكر وأشباهه ليس تامًا في إثبات أصل عملي بالاحتياط وتحريم كل شبهة تحريمية (كما يقول بذلك الإخباريون من الإمامية) والحديث في هذا المجال مفصل إلا أننا نشير إلى مجمله على النحو التالي:


(١) ورد في صحيح الترمذي (ج٤ ص ٦٦٨ ـ ط. الحلبي) من حديث الإمام الحسن بن علي (ع) وقاله عنه: حديث حسن صحيح.
(٢) أخرجه البخاري (الفتح ج١ ص١٢٦ الطبعة السلفية) ، ومسلم (ج٣ ص ١٢١٩، ط الحلبي) من حديث النعمان بن بشير

<<  <  ج: ص:  >  >>