للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثًا الدليل العقلي:

وملخصه أن إباحة الوسائل إلى الشيء المحرم المفضية إليه نقض للتحريم وإغراء للنفوس به وحكمة الشارع وعلمه تأبى ذلك (١) .

-المناقشة:

إن المراد بهذه الوسائل إن كانت تلك التي تستلزم الوقوع في الحرام فلا ريب في أنها مما يمنع العقل منها إلا أنه لا دليل على كونها ذات حرمة شرعية دائمًا لأن الحرمة ـ كما هو معلوم ـ تتبع توفر الملاك في نفس العمل، فإذا لم يكن في أصل الذريعة ملاك الحرمة لم يكن هناك معنى للحكم المولوي بالحرمة بل يعتمد الشارع على تحريمها العقلي باعتبارها مقدمة لازمة للحرام.

إلا أن المناقشة المهمة هي أن موضع النزاع هي تلك الموارد التي قد تؤدي إلى الحرام ولا يوجد فيها حتى الإلزام العقلي بالامتناع عنها، وليس فيها أي نقض للتحريم وإغراء للنفوس وما لم يصلنا من الشارع تحريم فهي باقية على حكمها الأصلي.

ومن هنا فنحن نعتقد أن ما يبحث عند علماء الإمامية تحت عنوان مقدمة الواجب أو مقدمة الحرام ومدى ترشح الوجوب والحرمة إلى المقدمات، لا علاقة له ببحث سد الذرائع المختلف فيه بين المذاهب الأربعة ـ كما تصور ذلك بعض أساتذتنا (٢) . فمصب النزاع ليس هو المقدمات التي ثبت تحريمها بنفسها ولا تلك التي تستلزم الحرام وإنما يركز المتنازعون على تلك التي قد تؤدي إلى الحرام (كما يؤكد القرافي) (٣) .

وهذا المورد ليس محلًا للنزاع عند علماء الإمامية أيضًا.

يقول الإمام الشهيد الصدر بعد تقسيمه مقدمات الحرام إلى قسمين ما لا ينفك عن الحرام وما ينفك عنه: (فالقسم الأول من المقدمات يتصف بالحرمة الغيرية دون القسم الثاني؛ لأن المطلوب في المحرمات ترك الحرام وهو يتوقف على ترك القسم الأول من المقدمات ولا يتوقف على ترك القسم الثاني) (٤) .


(١) إعلام الموقعين لابن القيم ج٣ ص ١٤٨
(٢) أصول الفقه المقارن ص٤١٠
(٣) الفروق ج٢ ص ٣٢
(٤) دروس في علم الأصول ـ الحلقة الثالثة ج١ ص٣٧٦

<<  <  ج: ص:  >  >>