وقد ذكرنا في مطلع البحث أن التعريف الأفضل هو: إيجاب الوسيلة التي يتوقف عليها فعل واجب وإلا فالتعريف المذكور هنا يشمل حتى الأفعال الخارجية ويأتي هنا بحث (مقدمة الواجب) و (التزاحم) المطروح بشكل مفصل في كتب الإمامية وملخصه:
إنه لو توقف واجب على مقدمة ما فإن المقدمة بلا ريب سوف تجب عقلًا لأن نفس وجوب ذي المقدمة يحرك نحو الإتيان بمقدماته ... وإنما وقع الخلاف في وجود وجوب شرعي (مولوي) للمقدمة بالإضافة للوجوب العقلي فيقال بوجود ملازمة بين الحكم الشرعي في ذي المقدمة والحكم الشرعي في المقدمة ويتفرع عليه القول بـ (الوجوب الغيري) أي ما وجب لغيره.
والحقيقة هي أن كل واجب تنظر فيه المصلحة فيمكن أن يكون واجبًا لغيره إلا أن المراد هنا هو أن يكون مصب الجعل الشرعي على شيء ثم يترشح الوجوب الشرعي إلى مقدماته.
وهذا الوجوب الغيري للمقدمات له خصائص منها:
أ - أنه لا يحرك نحو فعل المقدمة بشكل مستقل عن التحريك نحو ذي المقدمة.
ب - وأنه لا يستتبع ثوابًا (إلا باعتباره شروعًا في امتثال ذي المقدمة) .
جـ- وإن مخالفته ليست موضوعًا مستقلًا لاستحقاق العقاب إضافة للعقاب على ذي المقدمة؛ لأن الملاك الذي تم تفويته هو ملاك ذي المقدمة، ولذلك لا عقاب على المقدمات بالإضافة لتفويت أصل الواجب.
د- وأنه لا يتوقف على قصد القربة فهو واجب مقدمي ملاكه المقدمية لا غير إلا أن يكون قصد القربة جزءًا من المقدمة نفسها.
والملاحظ أن العلماء الذين فصلوا كثيرًا في هذا المورد تحيروا في الثمرة العملية الناتجة من القول بالوجوب الغيري للمقدمة وعدمه.