وقد ذكر الشهيد الصدر (رحمه الله تعالى) أن أفضل ما يمكن أن يقال في المورد هو أمران:
الأول: إذا أصبح واجب علة تامة لحرام (أي ذريعة لا تنفك عن النتيجة المحرمة) وكان الواجب أهم ملاكًا من الحرام، فإننا إذا قلنا بعدم وجود ملازمة (بين الحكمين الشرعيين في المقدمة وذيلها) يعود الأمر من حالات ما يسمى لديهم بالتزاحم بين ترك الحرام وفعل الواجب والعمل هنا على تقديم الأهم ملاكًا.
أما إذا قلنا بوجود الملازمة فهذا يعني أن هناك حرمة مولوية تترشح إلى الواجب فينصب حكمان على مورد واحد هو (الحرمة الغيرية المولوية والوجوب النفسي) وهذا يعني أن دليلي الوجوب والحرمة يتكاذبان ويدخل المورد في باب التعارض مما يتطلب تطبيق قواعده لا قواعد باب التزاحم (١)
(١) ويمكن أن يناقش في هذا الاستنتاج بما فرق به المرحوم الشيخ المظفر في (أصوله ج٢ ص١١٦) بين أبواب التزاحم والتعارض واجتماع الأمر والنهي حيث أكد أن العنوان المأخوذ في الخطاب الشرعي إذا كان مأخوذًا بنحو الفناء في مطلق الوجود (كما في العموم البدلي في قبال العموم الاستغراقي حيث يسع العنوان جميع مصاديقه) ولم تكن هناك مندوحة، فإنه يدخل في باب التزاحم بين التكليفين الفعليين (لأنه لا معارضة بين الدليلين في مقام الإنشاء بعد أن لم يكن الخطاب متسعًا لمصاديقه) وما نحن فيه من هذا القبيل لأن المأخوذ تكاذب في مقام الجعل والإنشاء بين خطاب (صل) النفسي وخطاب (لا تصل) الغيري الذي افترضنا أنه ترشح من خطاب (لا تغضب) بمقتضى الملازمة بين الحكمين المولويين بين حكم المقدمة وحكم ذيها إلا أنه قد يؤدي ما قاله الشهيد الصدر بأن هناك فرقًا بين التنافي في خطابي (لا تصل) و (ولا تغصب) والتنافي في خطابي (صل ولا تصل) لأنهما متنافيان بالفعل والترك، ولا مجال للتزاحم هنا. والجواب أننا نتصور التزاحم بينهما أيضًا لاختلاف الملاك فيهما فهذا يتبع الملاك النفسي للمقدمة وهذا يتبع الملاك المقدمي لها فيقدم الأهم على المهم. وعليه فالظاهر أن الثمرة العملية لا تظهر في هذا المثال لأن المقام دائمًا هو مقام التزاحم لا غير