يمكننا الآن ـ بعد كل ما تقدم بيانه ـ أن نقول: إن هذه القاعدة التي ظهرت أهميتها الكبرى، في عصرنا الحاضر، هي من العوامل الداعية إلى إصلاح شؤون الأمة، والأخذ بها إلى الفضيلة، والاستقامة، والنهوض بها على أسس قوية قويمة، من قواعد الشريعة وأحكامها.
وهي توجب على الفقيه أو الحاكم، أن يلجأ إليها في استحداث أحكام جديدة، وتدابير يتوقف عليها تنظيم شؤون المجتمع، فإن ولي الأمر، إذا رأى شيئًا من الأمور المباحة، قد اتخذه الناس، ذريعة أو وسيلة إلى مفسدة. أو: أنه بسبب فساد الزمان، أصبح يفضي إلى مفسدة، أرجح مما قد يفضي إليه من المصلحة، كان له أن يمنعه ويسد بابه، وبكون ذلك من الشريعة، وعملًا بالسياسة الشرعية، التي تعتمد ـ فيما تعتمد ـ على قاعدة سد الذرائع.
وبذلك يحول بهذه السياسة بين الناس وبين كثير من دوافع الفساد، فقاعدة الذرائع، قاعدة محملة، وفيها أكبر شهادة على أن الشرع الإسلامي صالح لكل زمان ومكان وعلى أن فيه لكل قوم منهاجًا، ولكل داء علاجًا، ولكل مشكلة حلًا.