للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن القيم: " ولا ريب أن هذه الحيل مخارج مما ضاق على الناس فيكون له بالحيلة مخرج منه، وكذلك الرجل تشتد به الضرورة إلى نفقة ولا يجد من يقرضه فيكون له من هذا الضيق مخرج بالعينة والتورق" (١)

ولو لم يفعل ذلك لهلك وهلكت عياله، والله تعالى لم يشرع ذلك ولا يضيق عليه شرعه الذي وسع خلقه" (٢)

القسم الثاني من الحيل: ما كان المقصود منها محرمًا، وهو يتنوع باعتبار الطرق المفضية إليه إلى ثلاثة أنواع أيضًا.

أ - محرمة في نفسها، كالاحتيال على فسخ النكاح بالردة.

ب - إباحة تفضي إلى المقصود المحظور كما تفضي إلى غيره من المقاصد الحسنة.

كالسفر لقطع الطريق، وكالزيادة في ثمن السلعة عند عرضها للبيع من أجنبي عن العقد من غير أن يكون له رغبة في شرائها، فإذا قصد من تلك الزيادة التغرير بالمشتري فهي حرام، وإذا قصد بها دفع الغبن عن البائع أو يشتريها المشتري بقيمتها فهي حلال عند بعض العلماء.

ج- مباحة شرعت لغير هذا المقصود المحظور فيتخذها المحتال وسيلة إليه، ومن أمثلته الفرار من الزكاة ببيع النصاب أو هبته أو استبداله قبيل حولان الحول. وهذا النوع هو موضع الزلل ومحل الانتباه والمقصود الأول من الكلام على الحيل.

وهذا النوع الثالث: وهو ما كان المقصود بها محرمًا والوسيلة مباحة لم تشرع له، حرام من جهتين: من جهة الغاية والمقصود ـ ومن جهة الوسيلة والطريق.

أما من جهة الغاية فلأن المحتال قصد به إباحة ما حرم الله وإسقاط ما أوجبه.

وأما من جهة الوسيلة: فلأنه اتخذ آيات الله هزوا وقصد بالسبب ما لم يشرع لأجله، بل قصد ضده، فقد ضاد الشارع في الغاية والوسيلة والحكمة جميعاً (٣) .


(١) انظر ص١٨٢ ج٣ إعلام الموقعين بين فيها ابن القيم التورق
(٢) إعلام الموقعين ج٣ ص ٢٠٧
(٣) إعلام الموقعين ج٣ ص ٢٨٦ إبطال الدليل على إبطال التحليل لابن تيمية ص ٨٤

<<  <  ج: ص:  >  >>