للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل السابع

أثر القول بسد الذرائع

اعتبارها وعدم اعتبارها في الفروع الفقهية

أثر القول بسد الذرائع:

إن القول بسد الذرائع له اعتبار في الفروع الفقهية، ويختلف هذا الأثر بمقدار اعتماد قاعدة سد الذرائع أصلا من أصول الفقه الإسلامي أو عدم اعتبارها.

ولما كان هذا الأصل معتبرا عند المالكية أكثر من غيرهم،قالو إن سد الذرائع من أصول مالك، مع أنه تقدم لنا في الفصل السادس من هذا البحث أن سد الذرائع معتبر في الكثير من الفروع الفقهية عند غالب أئمة الفقه الإسلامي.

ويؤيد هذا ما قاله ابن القيم: إن سد الذرائع أحد أرباب الدين إذا كان مفضيًا إلى الحرام، قال في إعلام الموقعين: " وباب سد الذرائع أحد أرباع التكليف، فإنه أمر ونهي " والأمر نوعان:

أحدهما: مقصود لنفسه.

والثاني: وسيلة إلى المقصود.

والنهي نوعان:

أحدهما: ما يكون النهي عنه مفسدة في نفسه.

والثاني: ما يكون وسيلة إلى مفسدة.

فصار سد الذرائع المفضية إلى الحرام أحد أرباع الدين (١) .

والمفضية للحلال قسم من قسمي الذريعة لأن الذرائع كما يجب سدها في النهي يجب فتحها في الأمر، إذا أفضت إلى مصلحة وهي بأقسامها الثلاثة:

على سبيل الوجوب أو الندب أو الإباحة، وعلى هذا الاعتبار تكون الذرائع شاملة لنصف الدين.

والخلاف بين المذاهب إنما كان في التوسع في الأخذ بها والتطبيق في اعتبارها، وهذا ينشأ عنه من غير شك خلاف في كثير من الأحكام الشرعية والفروع الفقهية.

فبينما يحكم بعضهم على تصرفات تبدو من المكلف بالفساد والبطلان، ويمنع ترتب أثرها عليها، نجد الفريق الآخر يحكم عليها بالصحة والجواز، ويبني عليها آثارها المعتبرة شرعًا، وقد يوصف العقد بالبطلان والفساد كبيوع الآجال عند مالك وأحمد، ويحكم عليه بالصحة والانعقاد عند المالكية، وقد يكون العقد مكروهًا كما ذكرت الشافعية في بيع العنب لعاصره خمرًا؛ لأنه لا يتعين أن يعصر ليكون خمرًا.


(١) إعلام الموقعين ج٣ ص ١٧١

<<  <  ج: ص:  >  >>