يتضح من كل ما سبق أن الذرائع والحيل بينهما تشابه واختلاف، ونظرا لكثرة الحيل المحرمة، فإن المواضيع التي اتفقت فيها الواقعتان أقل من تلك التي اختلفتا فيها.
وكلاهما أتتا نتيجة استمرار البحث العلمي في النصوص الأصلية للشريعة الإسلامية، ففي الحيل استنبط الجائز منها من حيل تعرض لها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، مثل حيلة إبليس لآدم حتى أخرجه من الجنة، وحيلة إخوة يوسف عليه حتى ألقوه في غيابات الجب، وحيلته هو على إخوته ليأخذ أخاه، ثم حيلة أم موسى على عيون فرعون، وحيلة أختها على حاشية فرعون نفسه، وحيلة سيدنا أيوب عليه السلام في ضرب زوجته وفاء بنذره، هذه الحيل المباحة، وما استنبط منها يتلقي مع الذرائع التي يخدم فتحها تطبيق واجب أو مندوب أو مباح لتكون الحيلة المباحة ذريعة إلى تحقيق غرض مباح.
إلا أن الذريعة أكثر اعتبارا عند الفقهاء، إذ منهم من جعلها مصدرا من مصادر التشريع ومنهم من جعلها قاعدة، ولم أعثر على أحد منهم أعطى هذه الأهمية للحيل، فالمالكية والاجتهاد الحنبلي يتفقان في اعتبار المصالح أصلا يعتمد عليه في تقرير الأحكام وفي السير في توسيع هذا المبدأ اهتديا إلى جعل سد الذرائع أصلا من أصول "الفقه" لكن تطبيقات الذرائع تتداخل في كثير من الحالات مع صور من صور الحيل.