القسم الأول: لا يفارقه كونه وسيلة للفساد لأن ذلك من ماهيته وهذا القسم من أصول التشريع وعليه بنيت أحكام كثيرة ومثاله: شرب الخمر وقتل النفس.
القسم الثاني: قد يتخلف مآله للفساد قليلا أو كثيرًا، وهذا القسم منه المنصوص على حكمه، ومنه غير ذلك وبقي الحكم فيه إلى اجتهاد العلماء وانظارهم تبعا لمقدار الإفضاء إلى المفسدة، ومن هذا القسم بيوع الآجال وبينا حقيقة موقف الإمام مالك من أمر إناطة الحكم بالتهمة أو بالقصد أو بقصد الفاعل وإنما يتخذ منه دليلا على التمالي، وتوصلنا في آخر المبحث إلى نتيجة وهي أن سد الذرائع قابل للتضييق والتوسع بحسب المصالح والمفاسد وأيضا بحسب الوازع في الناس قوة وضعفًا.
في مبحث موقف الأئمة من الاحتجاج بسد الذرائع: وجدنا هؤلاء الأئمة على فريقين فريق المالكية والحنابلة يعتمد سد الذرائع كمقصد تشريعي، وفريق الشافعية لا يقول به ومعهم الحنفية بل يقول بالوسيلة المستلزمة للمتوسل إليه، وذكرنا أدلة كل من الفريقين ثم بالنظر إلى المجال التطبيقي وجدنا كل المذاهب تأخذ بسد الذرائع ويتفاوتون في القلة والكثرة كما يختلفون في العبارة التي يستعملونها عند التعليل. وانتهينا في آخر هذا المبحث إلى ترجيح ما ذهب إليه أصحاب الفريق الأول من مالكية وحنابلة.
وفي مبحث هل اختص المذهب المالكي بالأخذ بسد الذرائع؟ : زدنا توضيحا وبيانا أن جميع المذاهب أخذت بسد الذرائع وإن لم تصرح، غاية ما في الأمر أن المذهب المالكي أكثر المذاهب أخذا وتصريحا بسد الذرائع، ثم ذكرنا جملة من الشواهد بالنسبة لكل مذهب من المذاهب الأربعة.
وفي مبحث أثر القول بسد الذرائع، أي اعتبارها أو عدم اعتبارها في الفروع الفقهية: بينا أنه أثر يؤدي إلى اختلاف في تقدير الحكم كالذي حدث في قضية بيوع الآجال.
وفي خاتمة هذا البحث أتينا بجملة من الأمثلة لفتح الذرائع، واكتفينا بما أسلفنا من أمثلة في سد الذرائع طيلة فصول البحث، وبالله التوفيق.