للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك أورد السادة الباحثون أمثلة توضيحية من المذاهب على فتح الذرائع وسدها.

كذلك توصلوا إلى نتيجة طيبة وهي أن القول بسد الذرائع متفق عليه في الجملة بين المذاهب وإن كان بعضها يغالي ويكثر الأخذ بالذرائع كالمذهبين المالكي والحنبلي وبعضها يقل من هذا على تفاوت، فالحنفية لا يصرحون بالقول بسد الذرائع لكنهم يقررون العمل به أخذا بمبدأ الاستحسان. كذلك الإمام الشافعي لا يقول بسد الذرائع في الظاهر لكن يصرح في مواطن كثيرة في (الأم) وفي (الرسالة) لهذا التعبير: أن الذرائع المؤدية إلى الحرام ينبغي أن تكون حرامًا. وسبب هذا الاتفاق بين العلماء للأخذ بالذرائع في الجملة أن هناك نصوصا كثيرة في القرآن الكريم وفي السنة المطهرة على منع الذرائع، لذلك اتفقت هذه المذاهب بالجملة على الأخذ بالذرائع، وأورد السادة الباحثون أمثلة توضيحية متعددة للقول بأن هذه المذاهب تأخذ بالذرائع على تفاوت في مقدار الأخذ فيما بينها. كذلك أورد السادة الباحثون على اعتبار هذه الذرائع في هذه الشريعة. وإذن هناك عمود البحث يكاد يكون متفقا عليه بين هؤلاء السادة الباحثين، ولكن أردت أن أورد بعض النماذج أو بعض العبارات التي انفرد فيها كل باحث عن غيره.

على سبيل الترتيب وإنما حسب الصدفه في البحوث التي وجدتها مرتبة عندي بحث الشيخ الطيب محمد سلامة فإنه أضاف إلى ما بحثه غيره تأصيل العلامة ابن عاشور، سد الذرائع بإرجاعه إلى قاعدة تعارض المصالح والمفاسد في هذه الشريعة موافقا في ذلك القرافي.

فضيلة الشيخ مجاهد الإسلام القاسمي، قال في خلاصته بعد أن اتفق مع غيره في عمود البحث: يمكننا أن نستخدم هذا الأصل للبحث عن حلول القضايا والمشكلات الاجتماعية بشرط كون الفقيه عميق النظر، بعيد الغور، مطلعا على دقائق هذا الأصل، خبيرا بجميع نواحي القضية حتى لا يكون ذلك موجبا لهدم أساس الدين وجعل الفساد صلاحا وبالعكس، وبدون التمييز بين المصلحة والمفسدة.

الدكتور إبراهيم الدبو ركز على موقف العلماء لسد الذرائع، ثم قال: واعتبار الذرائع سدا وفتحا دليل على مرونة الشريعة الإسلامية وإنها بحق نزلت رحمة للعالمين تساير واقع الناس في كل جديد نافع.

هذه عبارات من حسن الحظ متقاربة في معناها، ودليل على أن أصل الذرائع يصلح أن يكون قاعدة اجتماعية نافعة ومهمة في الحياة الإسلامية المعاصرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>