للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ خليل الميس:

بسم الله الرحمن الرحيم

يبدو أن هذا البحث (سد الذرائع) يحتاج كما نقول إلى فتح باب الذرائع كما ونحتاج إلى السد. ما تحصل لدينا من قراءة هذه المصادر الأصولية الصعبة مكرمة خص الله –تعالى- بها الأئمة، كل فتح له كوة لم يستطع أحد من الآخرين سدها. كوة في الاستدلال، باب في الاستدلال أمر عجب ينسجم مع عقليته من البداية إلى النهاية.

فهذا التسلسل المنطقي والمنهجي عند كل إمام يصل إلى ما يصل إليه. والحقيقة الذي تحصل لدينا أنهم اتفقوا في الحكم واختلفوا في العنوان (سد الذرائع) ، يعني ما اتفقوا على منعه اتفقوا على المنع ولكن ما الدليل؟ هذا هو الذي صار فيه خلاف.

أمر آخر: لوحظ موجة من التوافق ما بين الاستحسان وسد الذرائع. ثم ما قيل في الحيل يقال في الذرائع، وإن كانت كلمة الحيلة في الحقيقة غير مستساغة سمعًا، لذلك في عمق كتب الحنفية القديمة يقولون: كل حيلة يحتال بها الرجل لإبطال حق الغير أو لإدخال شبهة فيه فهي مكروهة –أي تحريماً- وكل حيلة يحتال بها الرجل ليتخلص بها من حرام أو يتوصل بها إلى حلال فهي حسنة. وهو معنى ما نقل عن الشعبي: لا بأس في الحيلة فيما يحل. تضرب لذلك مثلا بالزكاة وسمي حيلة. أمير –لا أدري الكوفة أم البصرة - زوج ابنيه وتبين في الصباح أن عروس كل منهما زفت إلى الآخر خطأ –وهذا شيء معروف في الفقه- فدعي الفقهاء ومنهم –كما قال وهذا موجود في كتب التراجم- أبو حنيفة قال: ما نفعل؟ فقال للأول طلق زوجتك غير المدخول بها فطلقها فتركه وقال للثاني: طلق زوجتك غير المدخول بها فطلقها، ثم عقد على كل منهما، وقالوا هذا، وصف من الحيلة. إذن المخرج من المشكلة في بعض الأمور الشفعة ونعرف حق الشفعة، وربما جارك ثقيل الدم تريد أن تسقطه من الشفعة والشفعة حق فقالوا في بعض الصور كيف يمكن أن يسقط الشفعة لا لإبطال حق مستقر ولكن لدفع ضرر؟ ما قيل في سد الذرائع يقال في الحيل تمامًا.

ثم إخواننا نرجو قبل كل شيء نحن أظن جميعا قراء للفقه مع التسليم أن هؤلاء الأئمة الذين كرمهم الله تروننا كل قضية لم يقعدوا لها تقعيدا واضحا تتيه فيها عقول الملايين من فقهاء اليوم. إذن نحن الآن أمام الحكم متفق عليه ولكن العناوين مختلفة، لا يمكن لعاقل ولا لمسلم أن يقول بحيلة لإبطال حق شرعي مستقر أو كما قيل في قضية الزكاة، نحن نتعجب كيف يمكن.. هل يقول فيها فقيه أو يرد فيها فقيه على سائل يحتال؟ لا فقيه يحتال، السائل هو الذي يحتال وليس الفقيه.

وشكرًا، والسلام عليكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>