للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ عبد الله بن بيه:

بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صل وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.

فضيلة الرئيس، أريد أن أتحدث عن نقاط بصفة سريعة إن شاء الله. أولًا: مسألة الذرائع اشتهر عند الناس أن الذي يقول بها هو الإمام مالك وأحمد – رحمهما الله تعالى - والحقيقة أن المذاهب كل مذهب اعتاض عن العمل بدليل بدليل آخر، فالشافعية الذين لا يقولون بسد الذرائع بالغوا لا نقول أسرفوا في العمل بالقياس وبظاهر النصوص وأهل الظاهر بالغوا في العمل بالاستصحاب، والأحناف بالغوا في الاستحسان، ولذلك لم يحتاجوا إلى سد الذرائع.

ثانيا: سد الذرائع معروف في المذاهب الأخرى، معروف عند الشافعية والأحناف، وإن كان الشائع أنهم لا يعملون به، إلا أن الخلاف في داخل مذاهبهم يدل على أنهم يعملون به، وأن أصحاب هذه المذاهب في بعض الأحيان يعملون بسد الذرائع كما يعمل به المالكية والحنابلة. مثلا الإمام أبو حنيفة –رحمه الله تعالى- يقول بجواز إيجار الدور في العراق أو في سواد العراق –حسب عبارته- للنصارى لاتخاذها كنائس بينما أصحابه يقولون بأن ذلك لا يجوز. الإمام أبو حنيفة –رحمه الله تعالى- يقول بجواز أجرة حمال الخمر كما ينص عليه الكاساني في (بدائع الصنائع) ، ويقول: لأن الخمر قد يحمل لإراقته، وهذا نظر فقهي، معناه أن الحمل لا يُتَوسّل به فقط إلى الشرب وإنما يُتوسّل به إلى أشياء أخرى، فقال بجواز أخذ الأجرة عليه وصاحباه لا يقولان ذلك؛ لأن صاحباه يقولان بسد الذرائع في هذا وفي تلك، الشافعي –رحمه الله تعالى- يقول بصحة إيجار دار لمن يتخذها مثلا مثابة القمار أو حانة للخمر أو مكانا للربا، ويقول بصحة بيع العنب لمن يتخذه خمرا، بينما أصحابه لا يقولون بذلك، وذكر ابن قدامة عند كلامه على بيع العنب لمن يتخذه خمرًا.

إذن الإطلاق أن هذه المذاهب لا تقول بسد الذرائع، إنما هي تقول به في داخلها، عندما يتسرب الإنسان إلى داخل هذه المذاهب ليطلع عليها يجد أنها تقول بسد الذرائع. فالإطلاق إذن فيه تجاوز.

ثالثًا: مسألة فتح الذرائع، وكما قال بحق فضيلة الدكتور عبد الوهاب، هناك فتح الذرائع مع سدها والعلماء يقرنون بينهما.

سد الذرائع إلى المحرم

حتم كفتحها إلى المنحتم

ويعبر عنه بعض الأحيان: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. إذن يوجد سد ويوجد فتح، هذا أمر واضح جدًا.

رابعًا: الذين يقولون بسد الذرائع هم أيضا لا يقولون به إذا ضعفت كما أشار إليه البعض، بل هناك قواعد، عند المالكية قاعدة: (الأمر الجائز لا يترتب عليه شيء.

وكل من فعل ما يجوز له

ونشأ الهلاك مما فعل

وأتلف المال فلا يضمن ما آل له الأمر وفاقا فاعلم) ، هذه القاعدة ذكرها القرافي ونظمها صاحب القوافي ولو أنها صاحب القوام ... الزكاة أولا لإسقاط الحج لا يجب عليه حج ولا زكاة بخلاف من استبدل ماشية بغيرها للهروب من الزكاة فإنه تجب عليه الزكاة. إذن هم يسقطون الذرائع في كثير من الحالات.

<<  <  ج: ص:  >  >>