للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر ابن حزم آراء القائلين بأن الدائن يزكي الدين وعقب عليها بقوله:

"أما قول الحسن بن حي فظاهر الخطأ، لأنه جعل زكاة الدين على الذي هو له، وعلى الذي هو عليه، فأوجب زكاتين في مال واحد في عام واحد، فحصل في العين العشر، وفي خمس من الإبل شاتان".

"وأما تقسيم مالك فما نعلمه عن أحد، إلا عن عمر بن عبد العزيز، وقد صح عنه خلاف ذلك ومثل قولنا.

وأما أبو حنيفة فإنه قسم ذلك تقاسيم في غاية الفساد، وقوله تخليط لا خفاء به".

وقال في موضع آخر: "إن تقسيم أبي حنيفة ومالك لا يعرف عن أحد قبلهما، لأن الرواية عن عمر بن عبد العزيز إنما هي في الغصب لا في الدين". (١)

ولم يعلق ابن حزم على ما أورده من آراء الصحابة والتابعين القائلين بأن الدائن يزكي الدين.

الرأي الراجح عندي:

الرأي الراجح عندي بعد عرض ما تقدم من آراء الفقهاء هو أن زكاة الدين تجب على الدائن، ولكن لا يطالب بإخراجها مع زكاة ماله الحاضر إلا إذا كان متمكنًا من قبض الدين، كأن يكون الدين حالًا على ملئ معترف به باذل له، لأنه يكون في هذه الحالة بمنزلة المال الذي في يده، أو بمنزلة الوديعة.

أما إذا لم يكن الدائن متمكنًا من قبض دينه، كأن يكون الدين على المعسر، أو جاحد، أو مماطل، أو يكون الدين مؤجلًا، فإن الدائن يطالب بإخراج زكاته عند قبضه أو التمكن من قبضه بحلول أجله، فإذا قبضه أو حل أجله زكاه لما مضى من السنين، لأنه ماله عاد إليه فيجب عليه إخراج زكاته.

والله أعلم ...

٣/١/١٤٠٦هـ

١٨/٩/١٩٨٥م


(١) المحلى ٦/١٣٨ و ١٤٠

<<  <  ج: ص:  >  >>