للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وينظم هذه العلاقة فيقول:

((وأنه لا يخرج منهم أحد إلا بإذن محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه لا ينحجز على ثأر جرح، وأن من فتك فبنفسه فتك وبأهل بيته إلا من ظلم، وأن الله على أيد هذا (أي على الرضا به) وأن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم)) .

((وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وأن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم، وأنه لا يأثم أمره بحليفه، وأن النصر للمظلوم، وأن اليهود يتفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين)) .

((وأن يثرب حرام صد لأهل هذه الصحيفة)) (١)

وتمضى هذه الصحيفة على هذا النحو إلى نهايتها.

إن من يقارن من جاء في صحيفة النبي صلى الله عليه وسلم وبين ما جاء في ميثاق الأمم المتحدة لا بد أن ينتهي إلى أن هذا الميثاق متفرع عن ذلك الأصل وأنه حذا حذوه واهتدى بمبادئه واسترشد بنور النبوة ومشكاة الهداية {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام: ٩٠] .

ثالثها: أن الرسول الله صلى الله عليه وسلم بارك أي عمل يحفظ للإنسانية كرامتها وصون أمنها وسلامتها من غير نظر إلى من قام به ولهذا أبدى رضاه عن الأحلاف التي تعاقدها العرب في جاهليتهم قبل الإسلام؛ لأن فيها خيرًا لبني البشر ((لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفًا، ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو أدعى به في الإسلام لأحببت)) .

وقوله (ما كان من حلف في الجاهلية فإن الإسلام لم يزده إلا قوة) ، وكذلك ما قاله لأصحابه حين هاجروا إلى الحبشة: إن بها ملكًا لا يظلم عنده أحد. فمن هذه المبادئ المسلمة في الإسلام نقول: إن ما اتفقت عليه الأمم بمحض اختيارها في منع الحروب ونشوب الخصومات والاتفاق على إيجاد حلول لها أمر لا يأباه الإسلام بل يحث عليه ويجعله من مبادئه ومسلماته.


(١) خاتم النبيين للشيخ أبو زهرة جـ ٢ / ٣٣، ٣٤

<<  <  ج: ص:  >  >>