للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا أجيز تعدد الدول الإسلامية المستقلة، وثار نزاع بين بعضها البعض، فلا يجوز الحكم والفصل في هذا النزاع إلا على أساس من الشريعة الإسلامية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: ٥٩] .

وقد لاحظ الحكماء – بعد سقوط الخلافة – أن المسلمين قد انفرط عقدهم فانقسموا إلى دول متعددة، يخضع بعضها للنفوذ الأجنبي، وانشغل بعضها الآخر بمشكلاته الداخلية، وكثر بينها النزاع والشقاق، واعتدى بعضها على البعض الآخر، أو تدخل في شؤونه الخاصة، وتحالف كثير منها مع أعداء الإسلام والمسلمين، مستعينًا بهم على إخوته في العقيدة، فقامت عدة دعوات تناشد المسلمين العودة إلى وحدتهم التي نادى بها كتابهم الكريم: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: ٩٢] . ولكن المسلمين كانوا في شغل عن هذه الدعوات إلى (الجامعة الإسلامية) أو (المؤتمر الإسلامي) أو (الجمعية الإسلامية) ، فانعقدت المؤتمرات في القاهرة وفي مكة وفي القدس وفي باكستان وفي المغرب وفي ماليزيا، حتى تم الاتفاق – أخيرًا – على ميثاق ط منظمة المؤتمر الإسلامي (في جدة، بتاريخ ١٨ / محرم ١٣٩٢ هـ ٤ مارس ١٩٧٢م (١) .

وفي ظل هذا التفكك، لجأ المسلمون – في نزاعاتهم مع بعضهم – إلى محكمة العدل الدولية أو إلى مجلس الأمن؛ لأن الدول الإسلامية تشكل ما يقرب من ثلث أعضاء هيئة الأمم المتحدة، وقد قبلت ميثاقها، وانضمت إلى المنظمات المنبثقة عنها، ونحن نرى أن التجاء الدول الإسلامية إلى القضاء أو التحكيم الدولي يدخل في باب الضرورة، حتى تضمن الحفاظ على مصالح شعوبها، وتؤمن تنفيذ العدالة بما لهيئة الأمم من سلطات أدبية أو مادية، حتى إذا ما قام البديل الإسلامي الفعال، فإن هذه الضرورة تنتفي بانتفاء أسبابها.


(١) صلاح عبد البديع شلبي، التضامن ومنظمة المؤتمر الإسلامي، القاهرة: ١٩٨٧؛ عبد الله الأشعل، أصول التنظيم الإسلامي الدولي، القاهرة: ١٩٨٨؛ محمد ضياء الدين الريس، الإسلام والخلافة في العصر الحديث، القاهرة: ١٩٧٦

<<  <  ج: ص:  >  >>