للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقريب الدلالة: تحاكم النبي صلى الله عليه وسلم مع الأعرابي إلى رجال من أصحابه مع أنهم لم يكونوا قضاة يدل على جواز التحكيم ومشروعيته، إلا أنه لم يثبت صحة سند الأول اللهم إلا أن يقال: إنهما مشهوران ورواهما الإمامية في كتبها كما قال السيد المرتضى (١) : (قد روت الشيعة أيضًا عن ابن جريح عن الضحاك عن ابن عباس قال: ((خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من منزل عائشة ...)) ، فعلى هذا تكون الروايتان معتبرتين، مع أنه يكفي صحة سند الثاني، إذ طريق الصدوق إلى قضايا أمير المؤمنين عليه السلام معتبر إن قيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم إذا رد الحكم إلى رجل صار قاضيًا منصوبًا.

قلنا – ما ورد في الروايتين هو التحاكم إلى رجال، والرضا بتحكيمهم، وبهذا لا يصير المحكم قاضيًا.

٨- تحاكم الصحابة:

قال في المسالك (٢) : وقد وقع في زمن الصحابة ولم ينكر أحد منهم ذلك..

قال ابن قدامة (٣) : ولأن عمر وأبيًّا التحاكم إلى زيد (٤) ، وحاكم عمر أعرابيًّا إلى شريح قبل أن يوليه، وتحاكم عثمان وطلحة إلى جبير بن مطعم، ولم يكونوا قضاة.

٩- قال النسائي (٥) : أخبرنا قتيبة قال: حدثنا يزيد - وهو ابن المقدام بن شريح - عن شريح بن هانئ عن أبيه، أنه لما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعه وهم يكنون هانئًا أبا الحكم، فدعاه رسول الله فقال له: ((إن الله هو الحكم وإليه الحكم، فلم تكنى أبا الحكم؟)) فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم، فرضي كلا الفريقين، قال: ((ما أحسن من هذا، فما لك من الولد؟)) قال: لي شريح وعبد الله ومسلم. قال: ((فمن أكبرهم؟)) قال: شريح، قال: ((فأنت أبو شريح)) ، فدعا له ولولده، هذا وإنما يكون عمل الصحابي حجة إذا كشف عن رأي المعصوم (ع) .

١٠ – عمومات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

استدل في كشف اللثام (٦) على مشروعيته بما دل على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويرده أن الحكم والقضاء غير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن الحكم والقضاء إنشاء الحكم الجزئي على شيء مخصوص، وهذا يغاير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذ ليس في الأمر والنهي وإنشاء الحكم.


(١) الانتصار، ص ٢٣٨، ٢٣٩
(٢) المسالك، ج ٢، ص ٣٥١
(٣) المغني، ج ١، ص ١٣٧
(٤) السنن الكبرى للبيهقي، ج ١٠، ص ١٤٥
(٥) سنن النسائي، ج ٨، ص ٢٢٦، ورواه أيضًا في السنن الكبرى، ج ١٠، ص ١٤٥
(٦) كشف اللثام، ج ٢، ص ١٤٠

<<  <  ج: ص:  >  >>