للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١- الآيات الواردة في النهي عن الحكم بغير ما أنزل الله، والأمر بالحكم بالعدل:

منها قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: ٤٤] {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: ٤٥] ، ومنها قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: ٤٧] ..

ومنها قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النساء:٥٨] .

فإن المستفاد منها صحة الحكم بالعدل والحق من كل مؤمن ولو لم يكن قاضيًا، وإنما الذم على الحكم بغير ما أنزل الله.

أقول: وإن استدل بها في كشف اللثام (١) ، ولكن الظاهر منها الورود في مورد حرمة الحكم بغير العدل والحق لا في بيان صحة الحكم والقضاء من كل أحد، فصحة الحكم تتوقف على دليل آخر.

وقيل بعدم جواز التحكيم وعدم نفوذ الحكم المحكم:

قال العلامة في التحرير (٢) : ولو تراضى خصمان بواحد من الرعية وترافعا إليه فحكم لم يلزمهما الحكم، ولكن قال بلزومه في القواعد (٣) والإرشاد (٤) .

قال في الروضة على ما حكي عنها في الجواهر (٥) : هل يجوز أن يحكم الخصمان رجلًا غير القاضي؟ وهل لحكمه بينها اعتبار؟ قولان، أظهرهما عند الجمهور نعم، وخالفهم الإمام والغزالي فرجحا المنع.

واستدل على المنع بوجهين:

١- لو جاز التحكيم يلزم توفيت الولاية على القاضي المنصوب، وتفويت رأيه ونظره (٦) ويرده أنه لا ملازمة بين جواز التحكيم وتفويت الولاية والرأي، إذ القاضي منصوب على القضاة والحكومة، وله ولاية على الحكم ولو لم يراجعه أحد، وأما تفويت الرأي فهو أيضًا لا يلزم؛ إذ التفويت في حكم ولم يعمل به، وأما فيما لم يحكم ولم ينظر فليست تفويت، وإلا يلزم من نصب قاض تفويت رأي القاضي المنصوب قبله، وهو كما ترى.

٢- أن جواز التحكيم على خلاف الأصل، إذ الأصل عدم نفوذ حكم أحد إلا ما خرج بالدليل (٧) ، ويرده أن الدليل قام على جوازه، فخرج من الأصل بالدليل.


(١) كشف اللثام، ج ٢، ص ١٤٠
(٢) التحرير، ج ٢، ص ١٨٠
(٣) القواعد، (الينابيع الفقهية) ، ج ١١، ص ٣٩٣.
(٤) الإرشاد، ج ٢، ص ١٣٨
(٥) الجواهر، ج ٤، ص ٢٤
(٦) المسالك، ج ٢، ص ٣١٥
(٧) المسالك، ج ٢، ص ٣٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>