للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احتكام المسلم إلى محاكم غير إسلامية في بلاد كافرة

هل يجوز للمسلم أن يتحاكم إلى محاكم غير إسلامية أم لا؟

الظاهر عدم جواز التحاكم للمسلم إلى محاكم غير إسلامية، بل يمكن أن يعد من الضروريات، وتدل على الآيات والروايات:

١- قوله تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} [هود: ١١٣] .

تقريب الدلالة: الاحتكام ركون، والكافر ظالم، فالاحتكام إلى الظالم، وهو منهي عنه.

٢- قوله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء:١٤١]

تقريب الدلالة: الاحتكام إلى الكافر وحكمه على المسلم سبيل للكافر على المسلم، ولم يجعل الله للكافر على المؤمن سبيلًا، فالاحتكام إليه حرام.

٣- قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء: ٦٠] .

تقريب الدلالة: قال في المفردات (١) : والطاغوت عبارة عن كل متعد وكل معبود من دون الله {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ} [النساء: ٦٠] فعبارة عن كل متعد.

فالاحتكام إلى الكافر تحاكم إلى الطاغوت وقد أمرنا أن نكفر به فلا يجوز الاحتكام إلى محاكم غير إسلامية.

٤- قوله (ع) : الإسلام يعلو ولا يعلى عليه (٢) .

تقريب الدلالة: إن الاحتكام إلى الكافر يوجب علو الكفر على الإسلام، مع أنه قال (ع) : ((لا يعلى عليه)) ، هذا كله لو لم يلزم من عدم الاحتكام إلى محاكم غير إسلامية حرج أو ضرر، وإلا فيدل على جواز الاحتكام مع الحرج أو الضرر:

قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨] .

حيث تدل على أن كل حكم يلزم منه الحرج فليس بمجعول، فإطلاق عدم جواز الاحتكام إلى محاكم غير إسلامية بالنسبة إلى حالة الحرج يقيد بالآية، بل الآية حاكمة على أدلة عدم الجواز فتضيق دائرتها.

وما رواه محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن عبد الله بن بكير عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال: إن سمرة بن جندب كان له عذق في حائط لرجل من الأنصار وكان منزل الأنصاري بباب البستان فكان يمر به إلى نخله ولا يستأذن، فكلمه الأنصاري أن يستأذن إذا جاء فأبى سمرة، فلما تأبى، جاء الأنصاري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال للأنصاري: ((اذهب فاقلعها وارم بها إليه، فإنه لا ضرر ولا ضرار)) (٣) .


(١) المفردات، ص ٣٠٥
(٢) الوسائل، ج ١٧، الباب ١ من أبواب موانع الإرث، ج ١١، ص ٣٧٦
(٣) الوسائل، ج ١٧، الباب ١٢ من أبواب إحياء الموات، ج٣، ص٣٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>