وقواعد التمكين في محكمة العدل الدولية لا تخرج عن كونها إما اتفاقًا دوليًّا أو عرفًا عامًّا سارت الدول على مقتضاه، أو قاعدة من قواعد العدل والإنصاف، فإذا اضطرت قاعدة ما بالمسلمين كانوا بالخيار كما هو المقرر دوليًّا في عدم عرض النزاع على محكمة العدل المذكورة (العلاقات الدولية في ظلال الإسلام) / ٧٧
وهذا الكلام لا يقبل على إطلاقه من الدكتور الزحيلي للأسباب التالية:
١- التحكيم إنما يكون لشرع الله سبحانه، وقواعد التحكيم أو الحكم في محكمة العدل الدولية لا ترجع إلى الشريعة الإسلامية بل ترجع إلى الاتفاقات الدولية أو العادات الدولية المرعية أو مبادئ القانون العامة التي أقرتها الأمم المتمدنة، فهل هذه متطابقة مع شرع الله أو مستمدة منه، وقد بلونا الأمرين من الاتفاقات الدولية التي ما وضع أكثر أحكامها إلا لتمكين الدول الكبرى المتحكمة من الاستمرار في السيطرة على الشعوب والأمم وابتزاز خيراتها.
٢- الأعراف الدولية منها ما هو عرف صحيح ومنها ما هو عرف فاسد فكيف نلجأ إلى تحكيمهم في رقابنا والله يقول {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا}[النساء: ١٤١] .
٣- قواعد (الحق والعدالة) أو قواعد العدل والإنصاف) قواعد مبهمة تختلف باختلاف وجهات نظر الدول والقضاة، فلا يصح الرجوع إلى أمر مبهم غامض أو فيه اختلاف وجهات النظر.
والفرق بين الرأيين: أن الرأي الأول لا يجيز اللجوء إلى التحكيم الدولي أو محكمة العدل الدولية إلا إذا كان المحكمون مسلمين، أما الرأي الثاني فيشترط الحكم بالقواعد والتعاليم الشرعية ولو لم يكن المحكمون مسلمين.