للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول الماوردي الشافعي في كتابه: أدب القاضي:

إذا حكم خصمان رجلا من الرعية ليقضي بينهما فيما تنازعاه في بلد به قاض أو ليس فيه قاض جاز.

وفي المغني لابن قدامة: إذا تحاكم رجلان إلى رجل يصلح للقضاء جاز ذلك ونفذ حكمه ولا ينقض.

ويقول ابن رشد الحفيد في بداية المجتهد (١) : واختلفوا في نفوذ حكم من رضيه المدعيان ممن ليس بوال على الأحكام فقال مالك يجوز، وقال الشافعي في أحد قوليه: لا يجوز، وقال أبو حنيفة: يجوز إذا وافق حكمه حكم قاضي البلد

ونقل في العناية على الهداية إجماع الصحابة رضوان الله عليهم على جواز التحكيم (٢) .

فالتحكيم حينئذ جائز شرعا متفق على شرعيته وجوازه. والأصل في ذلك القرآن الكريم يقول سبحانه وتعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} [النساء: ٣٥] .

يقول القرطبي في تفسيره (٣) : وآية {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} دليل على إثبات التحكيم وليس كما جاء على لسان الخوارج أن ليس التحكيم لأحد سوى الله سبحانه وتعالى لأن هذه كلمة حق يريدون بها الباطل.

ويقول الكاساني في البدائع (٤) : إن التحكيم جائز ومشروع لقوله سبحانه وتعالى: {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ} – الآية فكأن الحكم من الحكمين بمنزلة القاضي المقلد.

موضوع التحكيم:

التحكيم يكون في حقوق يملك التصرف فيها الخصمان المتنازعان حقوق ترجع لهما، ولهما حق التصرف والتفويت فيها.

يقول القرطبي في تفسيره (٥) : الضابط في موضوع التحكيم أن كل حق اختص به الخصمان يجوز التحكيم فيه.

ويقول ابن فرحون (٦) : التحكيم جائز في الأموال وما في معناها والمحكم لا يقيم حدًا ولا لعانًا ولا يحكم في قصاص أو قذف أو طلاق أو نسب.

الونشريسي في المعيار يضيف أنه لا يجوز له النظر في الوصايا والأحباس والمواريث.


(١) بداية المجتهد جـ ٢ ص ٣٨٢
(٢) العناية هامش فتح القدير جـ ٥ ص ٤٩٨
(٣) جـ ٥ ص ١٧٩
(٤) جـ ٧ ص ٣
(٥) تفسير القرطبي: جـ ٦ / ١٨٠
(٦) التبصرة: ١ / ٤٣

<<  <  ج: ص:  >  >>