للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول شيخ الإسلام المرحوم محمد الصالح ابن المراد: الحكمان اللذان أمر الله بإرسالهما لإصلاح ذات البين بين الزوجين، هما اللذان تتوفر فيهما شروط الكفاءة من الصلاح والإقناع والعدل والمعرفة، مع كونهما حسني السياسة والنظر في حصول المصلحة ليهتديا إلى المقصود من البعث ويرجى نجاحهما.

وكون الحكمين من الأقارب ليس شرطًا لزوميًا في نظر الشارع كما هو مقتضى إطلاق الآية، إذ قد تفوت الكفاءة ولا تتوفر الشروط اللازمة فيهما، فيفوت المعنى المقصود من إرسالهما ولا يقدران على إنهاء القضية وإزالة الخلاف، فلم يجعل سبحانه القرابة شرطًا، نعم إن إرسالهما مع كونهما قريبين متوافرة فيهما الشروط أمر مستحب شرعًا، لأنهما أعرف ببواطن أحوال الزوجين، وإليهما تسكن نفوسهما فيبرزان لهما ما في ضمائرهما من الحب والبغض وإرادة الصحبة والفرقة وموجبات كل من الأمرين. انتهى (١) .

وقد اقتبس التقنين هذا المبادي وأدرجها في بنود أحكامه، فقانون الأحوال الشخصية المصري رقم ٤٤ لسنة ١٩٧٩ جاء في مادته السابعة: يشترط في الحكمين أن يكونا عدلين من أهل الزوجين إن أمكن وإلا فمن غيرهم ممن لهم خبرة وقدرة على الإصلاح.

وبينت بقية المواد طرق عمل الحكمين وما يقدمانه من تقارير للمحكمة.

وجاءت المادة الخامسة عشرة من القانون السوداني الصادر سنة ١٩١٥ قائلة: إذا تشاق الزوجان وتعددت شكوى الزوجة من ضرر الزوج إياها بدون حق شرعي، ولم تستطع إثبات ذلك، بعث القاضي حكمين واحدًا من أهله وواحدًا من أهلها إن أمكن، والأفضل أن يكونا جارين فإن لم يكن ذلك بعث أجنبيين، ويشترط أن يكون الحكمان عدلين عالمين بأحكام النشوز فإن لم يكونا عالمين علمهما القاضي ذلك.

أما مجلة الأحوال الشخصية التونسية فقد جاء الفصل الخامس والعشرون منها قائلًا: (إذا اشتكى أحد الزوجين من الإضرار به ولا بينة له، وأشكل على الحاكم تعيين الضرر بصاحبه، يعين حكمين، وعلى الحكمين أن ينظرا فإن قدرا على الإصلاح أصلحا ويرفعان الأمر إلى الحاكم في كل الأحوال.


(١) الشيخ ابن مراد: كتاب الحداد: ٧١

<<  <  ج: ص:  >  >>