للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الضرب من التحكيم له قواعده وشروطه وحاجياته وسوف نشرحها باختصار في الأسطر التالية:

جاء في تحريم الصيد على من كان محرمًا بالحج أو بالعمرة بقول الله سبحانه وتعالى: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} [المائدة:١] .

وقوله حرم بضمتين جمع حرام أي المحرم بالحج أو بالعمرة، وإن كان في الحل واحتيج لمعرفة جزاء وعقاب من يعمد إلى قتل الصيد وهو محرم وكيف يحصل الجزاء وبماذا يحصل ومن يحكم به؟

وافترع الإسلام الحكيم في هذا الموضوع الذي يخص عبادة هي من أركان الإسلام وهي الحج والإحرام له أو لقربة وعبادة العمرة والإحرام لها.

قال الله سبحانه وتعالى في سورة المائدة الآية ٩٥: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [المائدة: ٩٥] .

قال المفسرون: لأن المحرم جاء راجيًا متذللًا عابدًا والقتل يتنافى مع ذلك وقد استثنى من ذلك ما جاء في الحديث الذي أخرجه الشيخان البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها:

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

((خمس من الدواب كلهن فاسق يقتلن في الحرم: الغراب والحدأة والعقرب (وفي رواية الحية) والفأرة والكلب العقور)) .

وقد أوكل أمر تقدير – المثل – في هذه المخالفة إلى رأي مجتهدين عدلين لهما فطنة ونباهة.

وقد انتدب لهذه المهمة في مناسبات حدثت خيرة من الصحابة كابن عباس وعمر وعلي وأبي عبيدة وعبد الرحمن بن عوف وغيرهم وعينوا المثل من النعم حسب المخالفة وأهميتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>