للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء في الأثر: اخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن قبيصة بن جابر قال: حججنا زمن عمر فرأينا ظبيًا فقال أحدنا أتراني أبلغه فرمى حجرا فما أخطأ حشاه فقتله، فأتينا عمر بن الخطاب فسألنا عن ذلك وإذا إلى جنبه رجل (هو عبد الرحمن بن عوف) فالتفت إليه فكلمة، ثم أقبل على صاحبي فقال: أعمدًا قتلته أو خطأ؟ قال الرجل: تعمدت رميه وما أردت قتله، قال عمر: ما أراك إلا قد أشركت بين العمد والخطأ، اعمد إلى شاة فاذبحها وتصدق بلحمها واسق إهابها – يعني ادفعه إلى مسكين يجعله سقاء، فقمنا من عنده فقلت لصحابي: أيها الرجل أعظم شعائر الله، والله ما درى أمير المؤمنين ما يفتيك حتى شاور صاحبه اعمد إلى ناقتك فانحرها، ففعل ذلك.

قال قبيصة: وما أذكر الآية في سورة المائدة: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: ٩٥] .

قال: فبلغ عمر مقالتي فلم يفاجئنا إلا ومعه الدرة: فعلا صاحبي ضربًا بها وهو يقول:

أقتلت الصيد في الحرم وسفهت الفتيا؟

ثم أقبل علي يضربني قلت:

يا أمير المؤمنين، لا أحل لك مني شيئًا مما حرم الله عليك، قال: يا قبيصة إني أراك شابًا حديث السن فصيح اللسان فسيح الصدر، وإنه قد يكون في الرجل تسعة أخلاق صالحة، وخلق سيء، فيغلب خلقه السيء أخلاقه الصالحة، وإياك وعثرات الشباب (١) .

ونقل السيوطي تفسيرًا لذلك قال:

عن ابن جرير عن بكر بن عبد الله المزني قال:

كان رجلان من الأعراب محرمين فأجاش أحدهما ظبيًا فقتله الآخر فأتيا عمر وعنده عبد الرحمن بن عوف فقال له عمر: ما ترى؟

قال: شاة. قال عمر وأنا أرى كذلك. أذهبا فأهديا شاة، فلما مضيا قال أحدهما لصاحبه: ما دري أمير المؤمنين ما يقول حتى سأل صاحبه، فسمعهما عمر فردهما وأقبل على القائل بالدرة ضربًا وقال: تقتل الصيد وأنت محرم وتغمض الفتيا، إن الله يقول {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: ٩٥] ثم قال: إن الله لم يرض بعمر وحده فاستعنت بصاحبي هذا.


(١) الدر المنثور للسيوطي: ٢ / ٣٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>