للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر [أن الخيار في العيوب الخمسة إنما ثبت لدفع الضرر عن المرأة وهذه العيوب في إلحاق الضرر بها فوق تلك لأنها من الأمراض المعدية عادة، فلما ثبت الخيار بتلك فلأن يثبت بهذه أولى] (١)

وحيث إن بعض نصوص الحنفية يظهر بينها تعارض في إثبات الخيار للمرأة ومن ذلك ما جاء في فتح القدير (الحاصل أنه ليس لواحد من الزوجين خيار فسخ النكاح بعيب في الآخر كائنًا من كان عند أبي حنيفة وأبي يوسف) (٢) . فقد وضح السرخسي أن المراد بإثبات الفرقة للمرأة هو إزالة الضرر بالطلاق، لأنه يلزم الزوج بالإمساك بمعروف أو التسريح بإحسان والتسريح طلاق (٣) .

أدلة الحنفية:

١- عن ابن عباس – رضي الله عنه – قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم ((لا ضرر ولا ضرار)) . . . . (٤) وفي إمساكها مع خشية تعدي المرض إليها أضرار نفسية وخوف وقلق قد تصبح الحياة معه جحيمًا لا يطاق كما أن فيه ضررًا إذا أصيبت بالمرض.

٢- قال تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ٢٢٩] .

وإمساكها مع خوفها من انتقال المرض إليها وترقبها لهذا الخطر إمساك بدون معروف فوجب التسريح بالإحسان.

٣- فوات المقصود بالعقد يثبت للعاقد حق رفع العقد من أصله وهنا قد فات المقصد من عقد النكاح وأنسد عليها الباب من غيره فوجب ثبوت الفرقة (٥) ولا شك أن إمساكها مع الخوف من انتقال العدوى إذا أصيب أحد الزوجين يؤدي إلى فوات أهم المقاصد التي شرع لها النكاح وهي الألفة والرحمة والإحصان فوجب التسريح بإحسان.

المذهب الثالث:

العيوب والأمراض التي يفسخ النكاح بسببها بعد صحته إما أن تكون موجودة قبل العقد والدخول أو حادثة بعدهما. فالموجودة قبل العقد قد اتفق جمهور الحنابلة والشافعية والمالكية والزيدية على الرد بها وإن اختلفوا في بعضها إلا أن الجذام وهو المرض الذي يمكن نقل وتخريج مرض الإيدز عليه متفق على التفريق به عند الجمهور.


(١) الكاساني، بدائع الصنائع: ٣ / ١٥٣٧
(٢) ابن الهمام، فتح القدير: ٣ / ٢٦٧، وانظر ابن عابدين حاشية رد المحتار: ٣ / ٥٠١
(٣) السرخسي، المبسوط: ٥ / ٩٧
(٤) الصنعاني: سبل السلام: ٣ / ٨٤
(٥) السرخسي، المبسوط: ٥ / ١٠١

<<  <  ج: ص:  >  >>