للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يخفى ما ورد عن بعض الشافعية والمالكية الذين حصروا العيوب التي يفرق بسببها في سبعة عيوب حيث قال الشربيني: (جملة العيوب سبعة عيوب وأنه يمكن في حق كل من الزوجين خمسة واقتصار المصنف على ما ذكر من العيوب يقتضي أنه لا خيار فيما عداها، قال في الروضة: وهو الصحيح الذي قطع به الجمهور. والثاني له الخيار بذلك لنفرة الطبع عنه) . . . . (١) .

فعلى القول الثاني كل مرض وجدت فيه النفرة يفرق لأجله وعليه يكون الإيدز من أولى الأمراض التي يفرق لأجلها.

وجاء عن الخرشي (وحاصل العيوب في الرجل والمرأة ثلاثة عشر، أربعة يشترك فيها الرجل والمرأة وهي الجنون والجذام والبرص ...) (٢) .

ويظهر جليًا أن الحنابلة قد اتفقوا مع غيرهم من الجمهور على أن الجذام من الأسباب المشتركة التي يرد بها كل من الزوجين الآخر جاء في منتهى الإرادات [وقسم مشترك وهو الجنون والجذام والبرص لا بغير ما ذكر] (٣) . ويعتبر مذهب الحنابلة من أوسع المذاهب في عدد الأمراض والعيوب وإن وجدنا في نصوصهم ما يفيد الحصر فيما ذكروا في زمانهم، لكن شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وبعض الشافعية أكثر توسعًا حيث أجروا القياس في كل ما وجدت فيه علة التفريق ولم يحصروا العيوب والأمراض بعدد معين. جاء في زاد المعاد [وذهب بعض أصحاب الشافعي إلى رد المرأة بكل عيب ترد به الجارية في البيع. وهذا القول هو القياس وأما الاقتصار على عيبين أو ستة أو سبعة أو ثمانية دون ما هو أولى منها ومساو لها فلا وجه له فالعمى، والخرس، والطرش، وكونها مقطوعة اليدين ... من أعظم المنفرات والسكوت عنها من أقبح التدليس والغش وهو مناف للدين. والإطلاق إنما ينصرف إلى السلامة فهو كالمشروط عرفًا وقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – لمن تزوج امرأة وهو لا يولد له أخبرها أنك عقيم وخيرها فماذا يقول – رضي الله عنه – في العيوب التي هذا عندها كمال بلا نقص وكيف يمكن أحد الزوجين من الفسخ بقدر العدسة من البرص ولا يمكنه منه بالجرب المستحكم المتمكن وهو أشد من ذلك البرص اليسير وكذلك غيره من أنواع الداء العضال (٤) .


(١) الشربيني، مغنى المحتاج: ٣ / ٢٠٣
(٢) الخرشي على مختصر خليل: ٢ / ٢٣٦
(٣) الفتوحي: ٢ / ١٨٨
(٤) ابن القيم، زاد المعاد: ٤ / ٣٠ – ٣١؛ وانظر ابن تيمية، القواعد النورانية: ص ٢١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>