وأما قولهم إن من فرق بينهما بغير قرآن وسنة ثابتة فقد دخل في صفة الذين ذمهم الله بقوله:{فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ}[البقرة: ١٠٢] .
فيرد بأن الآية نزلت في السحرة وما يفرقون به بين الزوجين من السحر والشعوذة لعداوة أو غير ذلك، وليس المراد منها التفريق لسبب يوجبه دفعا ًلضرر أصاب أحد الزوجين، والقرآن والسنة قد دلا بعموم نصوصهما على رفع الضرر والظلم. والسنة قد دلت على مفارقة المريض والمعيب ومن يخشى ضرره وتعدى أذاه كما ورد في حديث الأمر بالفرار من المجذوم، وكما في منعه صلى الله عليه وسلم الممرض أن يورد على المصح والعكس لما في ذلك من خشية انتشار المرض، وكما نهى من كان في بلد فيه طاعون عن الخروج منه أو كان خارجًا عنه عن الدخول إليه. ولا شك أنه لا يمكن الفرار من المجذوم ومن مرض معد كالإيدز إلا بالتفريق.
فإن قالوا: نحن نمكنه من الفرار بالطلاق، قيل كيف تمكنونه من الفرار بالطلاق ولا تمكنونها لأنها لا تملك الطلاق، والحديث وغيره لم يفرق في طلب الفرار بين الزوجين وغيرهما بل أمر بالفرار جميع أفراد المجتمع.
٢- وأما قول ابن مسعود لا ترد حرة بعيب فهو قول خالف فيه أقوال غيره من الصحابة وقضاءهم فقد روي عنهم: أربع لا يجزن في بيع ولا نكاح إلخ .... وأما قول ابن حزم: إنما هو النكاح كما أمر الله به سبحانه {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}[البقرة: ٢٢٩] فيناقش ويرد عليه بأن الإمساك مع وجود الأذى والضرر على الزوج الآخر من الأمراض المعدية والمنفرة ليس من الإمساك بمعروف فيتعين التسريح بإحسان.
ومرض الإيدز أخطر الأمراض المعدية فلا علاج له كما أن انتقاله أسرع من مرض الجذام وغيره فلذلك وجب إعطاء حق التفريق بسببه.