للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مناقشة أدلة الحنفية:

أعطى الحنفية حق الرد بعيب للمرأة دون الرجل وهذا وجهه ضعيف، فمع أن الزوج يملك الطلاق كما قالوا إلا أن تفريق القاضي يترتب عليه آثار أخر فيرد المهر إن كان قبل الدخول وللمرأة المهر بعد الدخول ويعود به الزوج على من غره بمريضة معيبة وإذا أعطيت المرأة الحق دون الرجل كان ذلك سببا لضياع ماله فيجتمع على الزوج ضياع ماله وفوات زوجته والشريعة كما جاءت بحفظ الدين والنفس جاءت آمرة بحفظ المال حتى كان حفظ المال من الضروريات التي اتفقت الأديان على حفظها فكيف يقال إن الزوج لما ملك الطلاق لا حق له في طلب التفريق وينسى ماله الذي أنفقه على هذه المرأة المعيبة المريضة بمرض خشي تعديه إليه.

وحيث أن هذا المرض لم يكتشف له علاج بعد كما أخبر الأطباء الثقات والمنظمات الدولية للصحة العالمية بجميع هيئاتها ومؤسساتها فلا بد من إعطاء حق الفرقة للزوجين منعًا وحدًا لانتشار هذا الوباء الذي لم تشهد له البشرية مثيلًا في طرق انتقاله.

وأما قول الحنفية إن المرأة ترد الرجل بعيوب محصورة، فيقال بأن الأدلة التي ذكروها معقولة المعنى يجب تعميمها إذا وجدت المعاني التي شرعت لأجلها في أمر آخر أخذًا بقياس المعنى وقياس الأولى اللذين يعتبر الحنفية من أوسع المذاهب قولًا بهما، ولذا لزمهم إعطاء حق الفرقة بسبب كل مرض وجد فيه المعنى الذي نصوا على الفرقة لأجله أو كان أولى منه كما في موضوع البحث – مرض الإيدز – أو غيره من الأمراض المعدية الأخرى.

مناقشة أدلة الجمهور:

ورد على أدلة الجمهور عدة اعتراضات نوجزها فيما يلي:

١- قيل في حديث ((فر من المجذوم)) . . . . (١) ، نحن نمكنه من الفرار ولكن بالطلاق لا بالفسخ وليس في الحديث تعيين طريق الاجتناب والفرار.

ويمكن أن يجاب عن هذا بأنهم حصروا الفرار حيث جعلوه حقًا للرجل بالطلاق وفي ذلك أضرار مادية تترتب على الطلاق غير التي تترتب على فسخ القاضي، فالمهر إذا طلق الرجل ذهب عليه والشريعة لا تقر الضرر في المال كما أنها لا تقره على النفس والعرض والدين.

٢- قالوا: إن في الرواية الواردة عن عمر: ((أيما امرأة غر بها رجل بها جنون أو جذام ...)) . . . .،لا يصح في ذلك شيء عن أحد من الصحابة فالرواية عن عمر وعلى منقطعة (٢) .

ويرد هذا الاعتراض بأن ما روي عن عمر ورد من طرق كثيرة غير الطريق الذي ذكروه.


(١) الكاساني، بدائع الصنائع: ٣/ ١٥٣٨
(٢) ابن حزم، المحلى: ١١ / ٣٦٦

<<  <  ج: ص:  >  >>