للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالطرق يقوي بعضها بعضًا علمًا بأنه لم يكن في أحدها ما يوجب الضعف، قال الشوكاني، قال الحافظ في حديث عمر: (ورجاله ثقات) (١) .

وأما قولهم: لو صح لكان لا حجة فيه؛ لأنه لا حجة في قول أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم فيرد عليه بأن هذا قول أحد الخلفاء الراشدين المهديين وأقوالهم سنة يجب العمل بها كما أن التفريق من القاضي تتعلق به حقوق الآدميين وعمر – رضي الله عنه – قال ذلك في محضر من الصحابة ولم ينكر عليه فصار إجماعًا.

الترجيح:

الناظر المتأمل في مقاصد الإسلام الكلية وقواعده العامة وما اشتملت عليه الأدلة من جلب للمصالح ودفع للمفاسد يترجح عنده أن إعطاء حق الفراق يعطي لكل من الزوجين؛ لأن الأدلة آمرة بحفظ المال ناهية عن ضياعه محرمة لأكل أموال الناس بالباطل ولا شك أن من لم يعط كلا الزوجين حق الرد بالعيب أو الفراق إذا حدث بعد العقد كان متسببًا في إضاعة ماله وقد خالف القواعد الكلية التي تمنع الضرر كقاعدة (الضرر يزال) (٢) .

فإن قيل إن في إعطاء السليم حق الفرقة ضرر على الآخر وقاعدة: (الضرر لا يزال بالضرر) شاهد على ذلك قيل بوجود قاعدة أخرى تخصص هذه القاعدة وهي: (الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف) (٣) . وقاعدة: (إذا تعارض مفسدتان روعي دفع أعظمهما ضررًا بارتكاب أخفهما) (٤)

وقاعدة: (يحتمل الضرر الخاص لأجل دفع الضرر العام) (٥) .

وفي بقاء السليم مع المريض ضرر عليهما وعلى الأبناء والأسرة وذلك ينتقل إلى المجتمع ودرء المفاسد أولى من جلب المصالح (٦)

فمع تسليمنا بأن لأحد الزوجين مصلحة ولكن على الآخر مفسدة ودفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة، والله سبحانه وتعالى يريد بعباده اليسر ولا يريد بهم العسر. قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥] .

وفي بقاء السليم مع المريض بالأمراض المعدية عسر وحرج ومشقة لا تطاق.


(١) نيل الأوطار: ٦ /١٧٧.
(٢) السيوطي، الأشباه والنظائر: ص ٩٢ – ٩٧؛ وابن نجيم، الأشباه والنظائر: ص ٨٥ – ٩٠.
(٣) نيل الأوطار: ٦ /١٧٧،السيوطي، الأشباه والنظائر: ص ٩٢ – ٩٧؛ وابن نجيم، الأشباه والنظائر: ص ٨٥ – ٩٠
(٤) السيوطي، الأشباه والنظائر: ص ٩٦.
(٥) السيوطي، الأشباه والنظائر: ص ٩٢ – ٩٧ ح وابن نجيم، الأشباه والنظائر: ص ٨٥ – ٩٠
(٦) السيوطي، الأشباه والنظائر: ص ٩٦، السيوطي، الأشباه والنظائر: ص ٩٢ – ٩٧ ح وابن نجيم، الأشباه والنظائر: ص ٨٥ – ٩٠

<<  <  ج: ص:  >  >>