للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإعطاء السليم حق الفرقة والفرار من أوجب الواجبات حماية له وللأسرة وللمجتمع وليس ذلك عقوبة للمريض ولا جزاء له بل حماية للمجتمع وحصرا للضرر ودرء للمفسدة. فالإحساس يتزايد بأن وباء العصر ليس كغيره من الأمراض بل إنه يعتبر كارثة ليست كغيرها من الكوارث، إذ الكارثة طبيعية كانت أو اصطناعية تكون محدودة ذاتيًا في الزمان طال أو قصر، وفي المكان ضاق أو اتسع ولكن جائحة الإيدز تنتقل عبر الزمان رأسيًا من جيل إلى جيل، وتنتشر في المكان أفقيًا بغير حدود، والإيدز بخصائصه هذه التي لم يسبق لها مثيل يتطلب من الجميع عملًا متناسقًا. عملًا يبدأ من الأسرة حماية وتوعية ويمضي إلى المدرسة تعليمًا وتربية وينتقل إلى مواقع التوجيه العامة والتربية الدينية والمعسكرات ومواقع العمل وسائر مواقع الأنشطة اليومية (١) .

هل للولي منع المرأة من الزواج بمصاب الإيدز؟

تقدم الكلام ونصوص الفقهاء – رحمهم الله – في إعطاء حق المفارقة للسليم من الزوجين وقد ذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك فجعل للولي الحق في منعها من التزويج بمرض يخشى تعدي مرضه إليها أو إلى الولد، قال في شرح المنتهى: وإن اختارت مكلفة أن تتزوج مجنونًا أو مذمومًا أو أبرص فلوليها العاقد منعها منه، لأن فيه عارًا عليها وعلى أهلها ضررًا يخشى تعديه إلى الولد كمنعها من تزويجها بغير كفؤ (٢) .

ولا شك أن مرض الإيدز يخشى تعديه إليها أو إلى الولد فلو منع الولي أو السلطان التزويج لكان أمرًا متجهًا.

وما قيل في منع المرأة لا يبعد القول به في منع الرجل إذا اختار مصابه درءًا للمفاسد الخاصة والعامة المؤدية إلى الهلاك الذي نهى الله عنه بقوله: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥] .

وقد يكون من الواجب على الزوجين إجراء فحص للتأكد من خلوهما من الإيدز، والله أعلم.


(١) د. رفعت كمال، قصة الإيدز: ص ١٤٤.
(٢) البهوتي، شرح منتهى الإرادات: ٣ / ٥٤

<<  <  ج: ص:  >  >>