للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثاني

جرح المريض السليم جرحًا بسيطًا

من المعلوم أن الفيروس إذا دخل عن طريق الدم أصيب الصحيح بالمرض ولذلك ينصح الأطباء عمومًا بتجنب أي إجراء من شأنه اختراق الجلد (١) .

وقد استفاض عند الناس أن الفيروس ينتقل إلى الصحيح عن طريق الجروح، ولجأ بعض مرضى الإيدز إلى الاعتداء على رجال الأمن وجرحهم بجروح بسيطة أو عضهم انتقامًا منهم أو تخلصًا منهم، وقد علمت أن ممرضة تخاصمت مع مريض في المستشفى فأرادت الانتقام فعمدت إلى استخدام إبرة مع هذا المريض الذي خاصمته كانت قد استعملت في حقن المريض بالوباء الكبدي فما حكم هذه الحالة ومثيلاتها؟

بعد أن استعرضت صور القتل العمد رأيت أن هذه الصورة تشابه القتل بالسم والسحر وغيرها من صور القتل الخفية وقد وجدت أقوال الفقهاء في القتل بالسم على ثلاثة مذاهب:

المذهب الأول:

ذهب جمهور فقهاء الحنفية فيمن وضع سمًا في أكل أو شرب وهو عالم به والآكل أو الشارب غير عالم إلى عدم وجوب القصاص أو الدية عليه وأنه لا يجب عليه إلا التعزير. جاء في الدر المحتار: [سقاه سما حتى مات، إن دفعه إليه حتى أكله ولم يعلم به فمات لا قصاص ولا دية لكنه يحبس ويعزر ولو أوجره السم إيجارًا تجب الدية على عاقلته] (٢) .

المذهب الثاني:

الأظهر عند الشافعية أن القتل بالسم شبه عمد تجب فيه دية شبه العمد، جاء في نهاية المحتاج: [ولو دس سمًا ... في طعام شخص مميز أو بالغ على ما مر والغالب أكله منه فأكله جاهلًا بالحال فعلى الأقوال دية شبه العمد على الأظهر] (٣) .


(١) رفعت كمال، قصة الإيدز: ص ١٩
(٢) الموصلي، الدر المختار مع حاشية ابن عابدين: ٦ / ٥٤٢؛ وانظر الكاساني بدائع الصنائع: ١٠ / ٤٩١٩
(٣) الرملي، نهاية المحتاج: ٧ / ٢٤٢؛ وانظر المحلى شرح المنهاج: ٤ / ٩٩؛ والنووي، روضة الطالبين: ٩ / ١٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>