للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- وقوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} [الإسراء: ٣٣]

٤- ما ورد في سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مات بشر بن البراء بن معرور أرسل إلى اليهودية فقال: ((ماحملك على ما صنعت؟)) . . . . فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتلت (١)

٥- هذا سبب يقتل غالبًا ويتخذ طريقًا إلى القتل كثيرًا فأوجب القصاص كما لو أكرهه على شربه (٢) .

٦- لو كان القتل بالأسباب الخفية لا يوجب القصاص لعدل شرار الخلق عن الأسباب الظاهرة الموجبة للقصاص إلى الأسباب الخفية كالسم والسحر والجراثيم والفيروسات ونشر الأمراض الفتاكة التي تعتبر أشد فتكًا وأكثر قتلًا من المحدد والمثقل فالأولى أن تأخذ حكم الأسباب الظاهرة. والله أعلم.

وقد نوقشت أدلة القائلين بعدم قتل مقدم السم بمناقشات بينت ضعفها، فخبر اليهودية ورد في سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتلها قبل أن يموت بشر بن البراء فلما مات أمر بقلتها فقتلت، وأنس نقل صدر القصة دون آخرها فيتعين حمله عليه جمعًا بين الخبرين (٣) .

أما تقديم السكين ففرق بينه وبين دس السم إذ السكين لا تقدم إلى الإنسان ليقتل بها نفسه إنما تقدم إليه لينتفع بها وهو عالم بمضرتها ونفعها فأشبه ما لو قدم إليه السم وهو عالم به فأكله (٤) .

الراجح:

كانت العرب في الجاهلية تقول القتل أنفى للقتل وبسفك الدماء تحقن الدماء، والمقصود من القصاص الزجر والنكال والعقوبة على الجريمة ولو لم يجب القصاص بهذه الأسباب الخفية لعدل شرار الخلق عن القتل بالظاهر إلى الخفي ما يستحدثونه كل حين مما هو أشد فتكًا بالأنفس وإزهاقًا للأرواح من الأسباب الظاهرة فيعود ذلك على مقصد الشارع بالنقض والإبطال فيشيع القتل وتزهق الأنفس وتسفك الدماء والله سبحانه وتعالى يقول: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة: ١٧٩] فإذا جرح مريض الإيدز وغيره أو عضه فأصابه المرض قتلناه بعد موت المجني عليه لأن سراية الجناية مضمونة وموته بالسراية إذ الغالب أنه بعد دخول الفيروس في بدن السليم يبقى مصابًا حتى يموت من سرايته.


(١) أبو داود، السنن: ٤ / ١٧٥
(٢) ابن قدامة، المغني: ٧ / ٦٤٣
(٣) ابن قدامة، المغنى: ٧ / ٦٤٣، ٦٤٤
(٤) ابن قدامة، المغنى: ٧ / ٦٤٣ – ٦٤٤

<<  <  ج: ص:  >  >>